Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 9-9)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وعندما نتأمل كلمة " وعد " نجدها تأتي ، وتأتي أيضاً كلمة " أوعد " و " وعد " وكذلك أوعد إذا لم تقترن بالموعود به ، تكون وَعَد للخير ، و " أَوْعَد " للشر . ولكن لو حدث غير ذلك وجئت بالموعود به ، فالاثنان متساويان ، فيصح أن تقول " وعدته بالخير " ويصح أيضاً أن تقول : " وعدته بالشر " . لكن إن لم تذكر المتعلق ، فإن " وعد " تستعمل في الخير . و " أوعد " تستعمل في الشر . والشاعر يقول : @ وإنِّي إنْ أوعدته أو وعدته لُمخْلِفُ إِبعادي ومُنْجِزُ موعدي @@ وحين يقول : " وعد الله " فهذا وعد مطلق لا إخلال به لأن الذي يخل بالوعد هو الإنسان الذي تعتريه الأغيار فقد يأتي ميعاد الوفاء بالوعد ويجد الإنسان نفسه في موقف العاجز أو موقف المتغير قلبياً ، لكن ساعة يكون الله هو الذي وعد فسبحانه الذي لا تداخله الأغيار ، بل هو الذي يُجري الأغيار ، لذلك يكون وعده هو الوعد الخالص الذي لا توجد قوة أخرى تحول دون أن ينفذ الله وعده . أما وعد البشر فقد تأتي قوة أخرى تعطل الوعد . { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ } سبحانه وتعالى يوضح أن مغفرته لكل عباده ولا يختص فقط الصالحين الورعين بل إنه يوجه حديثه إلى هؤلاء الذين ارتكبوا المعاصي فإن تابوا ، فلهم مغفرة لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة فأنت قد تكون جالسا ويأتي واحد جهة اليمين ليقدم لك تفاحة ، وفي اللحظة نفسها التي تمتد يدك لتأخذ التفاحة تلتفت لتجد إنساناً آخر يريد أن يصفعك ، أي اتجاهات سلوكك تغلب ؟ . لا بد أنك سترد على من يضربك أولا . والحق يزيل الذنوب أولاً بالمغفرة . ونجده سبحانه وتعالى يأتي بأشياء تلفت القلب فهو يقول : { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } [ آل عمران : 185 ] فالخطوة الأولى للفوز هي الزحزحة عن النار ، والخطوة التالية بعد ذلك هي دخول الجنة . فسبحانه يمنع المفسدة ويقدم دفعها ودرأها على جلب المنفعة لذلك يقول الحق بداية : { لَهُم مَّغْفِرَةٌ } . والإنسان منا ساعة تأتي له الخواطر يفكر في أشياء يطمح إليها ، وهناك أشياء يخاف منها . وينشغل الذهن أولاً بما يخاف منه ، يخاف من المفسدة ، يخاف من عدم تحقيق الآمال . إذن فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة . { لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } . وكل أجر على عمل يأخذ عمره بقدر حيزه الزمني ، فأجر الإنسان على عمله في الدنيا يذهب ويزول لأن الإنسان نفسه يذهب إلى الموت ، أما أجر الآخرة فهو الباقي أبداً ، وهو أجر لا يفوت الإنسان ولا يفوته الإنسان ، ذلك هو الأجر العظيم . وحين يتكلم الحق عن معنى من المعاني يتعلق بالإيمان والعمل الصالح تكون النفس مستعدة لأن هناك تأميلا في الخير وترهيباً من الشر لذلك يتبع الحق هذه الآية بآية أخرى فيقول : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ … } .