Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 12-14)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه تسلية لرسول الله ، وتخفيف عنه لما يلاقيه من تكذيب قومه له ، وقد عرضتْ الآياتُ موقفهم أولاً { بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ } [ ق : 2 ] ثم كذَّبوا بالبعث الذي أخبر به ، فقالوا : { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } [ ق : 3 ] . فأراد الحق سبحانه أن يعرض على رسوله موكب الرسالات السابقة عليه ، وكم حدث فيها من تكذيب لإخوانه الرسل . وكأنه يقول له : يا محمد لست بدعاً في ذلك { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ … } [ ق : 12 ] أي : قبل قومك كذَّب { قَوْمُ نُوحٍ … } [ ق : 12 ] مع أنه لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، ومع ذلك كذَّبوا ولم يؤمن معه إلا القليل منهم . لكن هل تركهم الله ؟ لا بل انتقم منهم بالغرق الذي أبادهم عن آخرهم ، فما كان الحق سبحانه ليترك أهل الفساد وأهل التكذيب ومصادمة الرسل دون عقاب ، بل يُملي لهم ثم يأخذهم بلا هوادة . فقوم نوح عليه السلام كانوا يسخرون منه ، وهو يصنع السفينة ، فيقول لهم : سيأتي اليوم الذي نسخر نحن منكم كما تسخرون منا ، وكأنه على ثقة من نصر الله وتأييده لدعوته ، وكما كذب قوم نوح كذب { وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ … } [ ق : 12 ] . والرسُّ اسم بئر معروفة { وَثَمُودُ } [ ق : 12 ] وهم قوم سيدنا صالح { وَعَادٌ } [ ق : 13 ] قوم سيدنا هود { وَفِرْعَوْنُ … } [ ق : 13 ] . وقصة فرعون مع سيدنا موسى معروفة { وَإِخْوَانُ لُوطٍ … } [ ق : 13 ] أي قومه { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ … } [ ق : 14 ] والأيكة الحديقة كثيفة الأشجار متشابكة الأغصان ، وسكان هذه الحديقة هم قوم سيدنا شعيب . { وَقَوْمُ تُّبَّعٍ … } [ ق : 14 ] تبع كان ملكاً من ملوك اليمن يُقال له أبو كرب الحميري . وكل هؤلاء المكذبين كانوا أصحاب حضارة وأهل نعمة ورفاهية ، لكن بعد أنْ كذَّبوا الرسل وخالفوا منهج الله بدّل الله حالهم ، وقلبَ أوضاعهم فأهلكهم بذنوبهم . لذلك يقول هنا { كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ } [ ق : 14 ] أي : لما كذَّبوا رسلي حَقَّ عليهم ما وعدتهم به من العذاب ووجب لهم الهلاك . وفي آية أخرى فصل ذلك الانتقام فقال : { فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ العنكبوت : 40 ] .