Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 11-11)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقد أنبت سبحانه جنات وبساتين ومزروعات ، منها ما يعطي حباً يكون قوتاً للناس وهو ما يحصد مثل القمح مثلاً ، وأنبت أيضاً نخلاً عالياً باسقات في جو السماء تعطي الخير للناس لأجيال طويلة . لذلك قال تعالى : { رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ … } [ ق : 11 ] وهو رزق لكل عباد الله مؤمنهم وكافرهم ، طائعهم وعاصيهم ، لأنه خلق الجميع ولا بد أن يتكفل لمن خلق برزقه الذي يعيش به ، حتى ولو لم يؤمن به سبحانه . ثم يقول تعالى : { وَأَحْيَيْنَا بِهِ … } [ ق : 11 ] الضمير في به يعود على الماء المذكور في قوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكاً } [ ق : 9 ] . هذا الماء { وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً … } [ ق : 11 ] أي : أحيينا به أرض بلد ميْت . وهي الأرض الميتة الجدباء الجرداء الخالية من النبات ، فإذا نزل عليها الماء أحياها بالنبات ، كما في قوله تعالى : { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [ الحج : 5 ] . والحق سبحانه جعل إحياء الأرض الميتة دليلاً ومثلاً حياً على البعث والإعادة بعد الموت ، قال تعالى : { كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ } [ ق : 11 ] ، وهذا نحو قوله تعالى : { وَٱلَّذِي نَزَّلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } [ الزخرف : 11 ] . ومثل قوله تعالى : { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } [ الروم : 19 ] أي كمثل ذلك تُخرجون وتبعثون ، فمن أنكر البعث فلينظر عملية إحياء الأرض الجامدة بالنبات بعد نزول المطر عليها . فالأرض تكون ميتة هامدة جرداء لا أثر فيها لحياة ، فلما ينزل عليها الماء ويسقيها المطر تتحرك وتهتز وتزيد فتنغلق الشقوق التي في التربة بفعل العطش ثم تنبت من كل زوج بهيج ، فهي نموذج حيٌّ مشاهد للخلق وللحياة .