Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 15-19)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ … } [ الذاريات : 15 ] إن تفيد توكيد الكلام ، والمتقين جمع المتقي ، والتقوى كما قلنا أنْ تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية ، لذلك نجد القرآن يقول مرة : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ … } [ الحشر : 18 ] ومرة يقول { وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ … } [ آل عمران : 131 ] . والمراد : الزموا طاعة الله ، وتجنّبوا معصيته وأسباب عذابه ، لأن لله تعالى صفات جمال وصفات جلال ، والتقوى أنْ تجعل بينك وبين صفات الجلال وقاية من صفات الجلال التي تزجر المخالف وترده عن الشر . فمن صفات الجمال أن خلق لنا ما ننتفع به في الدنيا ، ومن ذلك النار { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } [ الواقعة : 71 - 72 ] . لكن هذه النار التي تنتفعون بها في الدنيا وتُعد نعمة من نعم الله عليكم احذروها في الآخرة ، لأنها ستكون أداة تعذيب ، ستكون جنداً من جند الله لقهر المخالفين ، فاتقوها . إذن : المعنى واحد : اتقوا الله ، واتقوا النار . وتلاحظ هنا أن { ٱلْمُتَّقِينَ … } [ الذاريات : 15 ] في زمان التكليف وهي جمع و { جَنَّاتٍ … } [ الذاريات : 15 ] في زمن الجزاء وهي جمع ، وكذلك { وَعُيُونٍ } [ الذرايات : 15 ] فكأن الحق سبحانه وتعالى يقول : إن لكل مُتّق جنة وعيناً تجري خلالها ، نعم جنة خاصة به ، لأن القاعدة إذا قُوبل الجمع بالجَمع اقتضى القسمةَ آحاداً . كما يقول المدرس مثلاً للتلاميذ : أخرجوا كتبكم ، والمراد أنْ يُخرجَ كلّ منهم كتابه ، لكن نجد في سورة الرحمن يقول سبحانه : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } [ الرحمن : 46 ] . فكيف نجمع ونُوفِّق بين الآيتين ؟ قالوا : لأن سورة الرحمن جاء الخطاب فيها للثقلين الجن والإنس ، فالمعنى : ولمَنْ خاف مقام ربه من الإنس أو الجن جنة ، جنة للإنس وجنة للجن . أو أن المعنى : له جنتان بالفعل ، وسبق أنْ أوضحنا أن الحق سبحانه خلق الجنة على فرض أنْ يؤمن جميعُ البشر ، وخلق النار كذلك تكفي للبشر جميعاً إنْ لم يؤمنوا . وقلنا : هناك لا توجد أزمة مساكن ، فإذا دخل أهلُ النار النارَ فرغتْ أماكنهم في الجنة فورثها المتقون ، فكأنه أخذ جنته وجنة الكافر الذي تركها ، وذهب إلى النار . والجنة هي البستان المليء بالأشجار متشابكة الأغصان بحيث تستر مَنْ يسير فيها وتُجنّه ، أو أن فيها كلَّ مقومات الحياة بحيث لا يحتاج إلى الخروج منها ، كما نقول في كلمة قصر يعني : قصرك في مكانه عن الأمكنة الأخرى ، فلا تخرج منه إلى مكان آخر لتلتمس أسباب الحياة … وقال : { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } [ الذاريات : 15 ] أي : عيون الماء ، لأن الجنات الأصل فيها الخضرة والنماء والثمار ، وهكذا الأشياء وليدة وجود الماء ، فالعيون في الجنات لاستبقائها ودوامها كجنة . لذلك لما تحدَّث القرآن الكريم عن أنهار الجنة وتوفير الماء اللازم لها قال مرة { تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ … } [ التوبة : 100 ] وقال مرة { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ … } [ الصف : 12 ] . فمن هنا تفيد أن الماء ذاتي فيها ، حتى لا نظن أن الماء الجاري الذي يمرُّ بها قد ينقطع فيقول لك : اطمئن فماء الجنة مضمون لأنه نابع منها . وقوله سبحانه : { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ … } [ الذاريات : 16 ] يعود السياق هنا إلى الماضي ويُحدِّثنا عن الحيثية ، فهؤلاء المتقون نالوا هذا الجزاء ، لأنهم أخذوا منهج الله برضا وقبول . { آخِذِينَ … } [ الذاريات : 16 ] جمع آخذ اسم فاعل ، وهو الذي يتناول الشيء بعشق ولهفة ، ويأخذه برضى وقبول ، والإنسان لا يمدُّ يده ليأخذ إلا لشيء فيه نفع له على خلاف شيء يُرْمى عليك فتأخذه وأنت كاره . فكأن هؤلاء سمعوا منهج الله ، وعلموا أن فيه قوامَ حياتهم وصيانة حركتهم ونجاة آخرتهم فأخذوه ، أخذوه بلهفة وحب وعشق ، أخذوه بقوة كما قال تعالى : { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ … } [ البقرة : 63 ] . فالقوة في الأخذ تدل على أن الآخذ يقدر المنفعة الجميلة التي ينالها ، ثم إنك أخذتَ وغيرك ترك ، فأحسنتَ وأساءوا ، مع أنك مختار ولك مطلق الحرية تأخذ أو تترك . لقد أحسنتَ وأنت قادر على الخير وعلى قبول الشر . فكوْنُكَ تسمع وحي الله وتطيع وتتحمل التكاليف عن رضا وقبول ، فأنت أهلٌ لهذا الجزاء . ثم تبين الآيات أن الأخذ هنا أخذٌ مقيد ، لا نأخذ كل شيء وكل ما يأتينا بل نأخذ ما جاءنا من ربنا وخالقنا { آخِذِينَ مَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ … } [ الذاريات : 16 ] واختار هنا صفة الربوبية لأنها عطاء ، فالرب هو الذي خلق من عَدمَ وأمدَّ من عُدْم ، وأبقى لك مُقوِّمات الحياة بقيوميته ، نقول : فلان قائم على الأمر يعني : مهتم به لا يتركه لغيره . فالله بحكمته وقدرته خلق ، وبقيوميته استدام الخير ، لذلك ساعة يأتيك الخير تذكر الربوبية التي منحتك . والربوبية أسبق في حياة الإنسان من الألوهية ، لأن الله تعالى أعطاك وأمدَّك قبل انْ تُخَلق وما كلّفك إلا بعد سنِّ البلوغ . وما دُمت قد أخذتَ عطاء الربوبية وتمتعتَ به فقد وجب عليك أنْ تأخذ عطاء الألوهية ، وكما أخذتَ العطاء الأول بحب ورغبة وعشق ، فعليك أنْ تأخذ العطاء الآخر أيضاً بحب ورغبة وعشق ، لا يليق بك أن تأخذ الأول وتترك الثاني وتتنكر له لأنك لو تأملت عطاء الألوهية لوجدته أنفع لك من عطاء الربوبية وأدوم . فعطاء الربوبية الأول أعطاك مقومات الحياة الدنيا وهي موقوتة فانية ، أعطاك مقومات القالب الزائل ، أما عطاء الألوهية فعطاء يضمن لك الآخرة الباقية ويحيي فيك الروح الباقية التي لا تفنى . إذن : فأيّهما أحقُّ بالأخذ ؟ لذلك الحق سبحانه وتعالى حينما حدثنا عن هذه المسألة قال سبحانه : { يَٰبَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ … } [ الأعراف : 26 ] . فاللباس الذي يواري السوأة يمثل الضروريات والريش للزينة والكماليات ، وهذا قصارى ما نأخذه في الدنيا . ثم يلفت الأنظار إلى ما هو أهم { لِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ … } [ الأعراف : 26 ] خير من نعيم الدنيا وزينتها وزخرفها ، لأن هذا زائل وهذا باقٍ دائم ، لباس الدنيا يسترك في الدنيا ، ولباس التقوى يسترك في الدنيا وفي الآخرة . ولما كان لعطاء الألوهية هذه الأهمية لم يُعطه الله إلا لمن آمن به مختاراً ، فلم يكلف إلا المؤمن ، لذلك نقرأ دائماً في مجال التكاليف { يَآأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ … } [ البقرة : 153 ] . ثم تذكر الآيات صفة أخرى من صفات المتقين { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } [ الذاريات : 16 ] أي : ما استحقوا هذه المنزلة إلا لأنهم { كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ } [ الذاريات : 16 ] والإحسان درجة عالية من درجات الإيمان عرَّفها العلماء فقالوا : الإحسان هو ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإنْ لم تكن تراه فإنه يراك " . والإحسان هو الزيادة في الطاعات فوق ما أمرك الله به ، لذلك نزلت هذه الآية في مكة قبل أنْ تُفرض الزكاة في مكة ، قال تعالى : { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } [ الذرايات : 19 ] ولم يقل حق معلوم ، فالحق المعلوم هو الزكاة وقد فرضت بالمدينة ، أما الصدقة فكانت في المرحلة المكية . إذن : معنى الإحسان أنهم ذهبوا إلى مراتب الإحسان قبل أنْ يُكلِّفوا بها ، وهذا يعني أن مراتب الإحسان فطرية وطبيعية ، وفي إمكانك ولا تكلفك ، وهكذا كل أمور الطاعة والاستقامة تأتي طبيعية لا تكلُّف فيها على خلاف المعصية . لذلك نقول : إن المستقيم مثلاً يوفر ثمن الجلوس على القهاوي وشرب الدخان والقهوة والمخدرات والمسكرات ، فالاستقامة من الناحية الاقتصادية أوفر لصاحبها . حتى في عمل الجوارح تأتي الاستقامة طبيعية ، أما المعصية فتحتاج إلى تكلُّف وتلصُّص واحتيال ، لذلك في الاشتقاق اللغوي عبَّر القرآن عن الطاعة بـ كسب وعن المعصية بـ اكتسب . فالكسب أمر طبيعي ، و كسب على وزن فعل ، أما اكتسب ففيها افتعال وهي على وزن افتعل ، وهذا الافتعال تراه مثلاً فيمن يحتال لينظر إلى ما حرَّم الله عليه ، كيف يتلصص ويُسارق الناسَ النظرات ، كذلك تراه فيمن يذهب إلى المسجد ومَنْ يذهب إلى الخمارة وهكذا . وقد عرَّف العلماء درجة الإحسان في العبادة ، فقالوا : الإحسان أنْ تؤدي ما فرضه الله عليك من العبادة ، وتزيد عليها من جنس ما فرض الله ، فالمؤمن يؤدي الصلوات الخمس والمحسن يؤديها ويزيد عليها ما استطاع من النوافل . المؤمن يؤدب الزكاة بمقدار نصف العشر أو ربع العشر ، والمحسن يؤدي فوق ذلك وهكذا . إذن : المحسن هنا له معنيان : أنه أحسن قبل التكليف وبادر بعمل الخيرات قبل أنْ تُفرض عليه ، أو أدَّى ما فُرِض عليه ثم زاد على ما فرض من جنس ما فرض الله عليه . ثم يصف الحق سبحانه وتعالى المحسنين بقوله : { كَانُواْ قَلِيلاً مِّن ٱللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } [ الذاريات : 17 ] والهجوع هو : الثبات عن الحركة في الخير وعدم عمل الشر ، ونقول للولد المشاغب الذي تزيد حركته : اهجع . يعني : كُفّ عن الحركة المزعجة . ومن هنا قالوا : نوم الظالم عبادة ، نعم عبادة لأنه يكفُّه عن الظلم ، فهؤلاء لهم أنْ يصلُّوا العشاء ويناموا بعدها إلى الفجر ، لكن حبهم للطاعة جعلهم لا يهجعون من الليل إلا قليلاً ، ونَفْي الهجوع نَفْيٌ للنوم من باب أوْلَى . والإحسان نتيجة لحب العبد لربِّه ، فالله أحسن إليك حين كلَّفك وحيَّاك بهذا التكليف ، فعليك أنْ ترد التحية بأحسن منها ، فإنْ كلَّفك بخمس صلوات تجعلها عشراً ، وإنْ كلَّفك بنصف العشر أو بُربْع العشر في الزكاة تجعلها أضعاف ذلك ، وهكذا في سائر العبادات وأوجه الخيرات . ولما سُئل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان قال : " هو أنْ تعبد الله كأنك تراه ، فإنْ لم تكُنْ تراه فإنه يراك " والذي تراه يكون حاضراً ليس غيباً ، وتصوَّر أنك أجير عند رجل يجلس خلفك يراقبك ويرصد كل تحركاتك ، هل تستطيع عندَه إذن أنْ تتهاون في عملك أو تقصر فيه ؟ كذلك حال المحسن في عبادته ، وقد ورد في الحديث القدسى : " يا عبادي إنْ كنتم تعتقدون أنِّي لا أراكم ، فالخلل في إيمانكم ، وإنْ كنتم تعتقدون أني أراكم ، فلم جعلتموني أهون الناظرين إليكم ؟ " . وقوله تعالى : { وَبِٱلأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الذاريات : 18 ] الأسحار جمع السَّحَر ، وهو آخر الليل وقبل طلوع الفجر ، حيث يظهر ضوء بسيط يخيَّل للإنسان أنه ضوء الشمس وهي لم تطلع بعد ، ولذلك يُسمَّى ضوءاً تخيلياً . ومنه كلمة السِّحر ، فالسحر قلْبٌ للحقائق بطريق التخيُّل ولا حقيقة له ، ومنه قوله تعالى : { سَحَرُوۤاْ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ … } [ الأعراف : 116 ] . ووقت السَّحَر من أفضل الأوقات للاستغفار ، لكن ممّ يستغفر هؤلاء الذين وصفهم ربهم بالتقوى ، وأنهم أخذوا ما آتاهم ربهم ، وأنهم نالوا درجة الإحسان ، وكانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ؟ إذن : ليس لهم ذنوب يستغفرون الله منها ، قالوا : إن لهؤلاء استغفاراً يليق بدرجة الإحسان ، فهم لا يستغفرون الله من ذنوبهم ، بل يستغفرونه للتقصير الذي يظنونه في عباداتهم وأعمالهم وكأنهم استقلُّوا ما فعلوه ورأوه دون ما يستحق الله تعالى من التقدير والعبادة ، وهذا من باب " حسنات الأبرار سيئات المقربين " . وقوله تعالى : { وَفِيۤ أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } [ الذاريات : 19 ] نسب إليهم المال ، فقال { أَمْوَالِهِمْ … } [ الذاريات : 19 ] لأنه يتملكه الآن وإنْ كان في الحقيقة مال الله ، والإنسان مستخلف فيه إلى حين . لذلك قال سبحانه : { وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ … } [ الحديد : 7 ] . والإنسان خليفة لله في الأرض ، وعليه بمقتضى هذه الخلافة أنْ يطيع أمر مَن استخلفه بأنْ يعطي السائل والمحروم من مال الله المستودع عنده ، يعطي العاجز غير القادر على العمل والكسب ، حتى لو يعطيه شكراً لله الذي منحه القوة ليعمل ، في حين أن غيره عاجز محروم من هذه القوة . والحق سبحانه وتعالى حينما يأمرنا بذلك إنما يُؤمِّن حياة ومستقبل القادر وغير القادر على العمل ، لأن الدهر يتقلب بالناس ، وأحداث الحياة دائمة التغيير ، وربما أصبح القادر اليوم غير قادر غداً ، وعندها يجد مَنْ يمد إليه يد المساعدة . لذلك قلنا : إن الشارع الحكيم علمنا أنْ نعمل على قدر الطاقة لا على قدر الحاجة ، فحينما تعمل على قدر الطاقة التي وضعها الله فيك فإنك ستأخذ حاجتك وتتصدَّق على غير القادر أنْ يعمل ، ولو توفر لنا هذا التضامن وهذا التأمين لَعاش الإنسانُ لا يهاب أحداث الحياة ولا يخشى الفقر عليه وعلى ذريته من بعده . وقوله تعالى : { لَّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ } [ الذاريات : 19 ] السائل هو المحتاج وتضطره الحاجة لأنْ يسأل الناس ، ومثله المحروم هو أيضاً محتاج لكنه يتعفف عن المسألة فيحرم وربما يجوع أو يهلك ، وهو في هذه الحالة يكون آثماً في حقِّ نفسه ، لأن الله تعالى شرع له أنْ يسأل ، فهو محروم من التملك أولاً ، وحرم نفسه ثانياً من السؤال الذي شرع له . ومن هنا حثَّ الإسلام على التعارف وعلى حضور الجماعات التي يتعارف فيها الناس ، ويسأل بعضهم عن بعض ، ومن خلال هذا التعارف نعرف المحتاج فنساعده ونعرف المريض فنزوره ، وهكذا . وأحد الصالحين جاءه سائل فأعطاه حاجته ، ثم دخلتْ عليه زوجته فوجدته باكياً ، فقالت له : ما يُبكيك وقد أعطيته حاجته ؟ فقال : أبكي لأنِّي تركته حتى يسألني . إذن : الواجب أنْ يصل الحق إلى أصحابه دون سؤال واجب على الغني أنْ يكفي الفقير مذلة السؤال .