Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 35-37)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : قبل أنْ ينزل بهم العذاب أخرجنا مَنْ كان في القرية من المؤمنين ، والمعنى : ما قلنا لهم اخرجوا ، إنما هيأنا لهم سبيل الخروج بخواطر قذفناها في نفوسهم ، فخرجوا ولم يُصبْهم العذاب . { فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا … } [ الذاريات : 36 ] أي : في القرية { غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [ الذاريات : 36 ] إذن : تكلم أولاً عن المؤمنين ثم عن المسلمين ، ومعلوم أن الإيمان أعم من الإسلام ، فالإيمان أمر عقديّ ، والإسلام أمر سلوكي ، فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمناً . والإيمان والإسلام يلتقيان في أنك لا تُسلم زمامك في التكليف إلا لمَنْ آمنتَ بحكمته في التكليف ، أما إنْ نافق المؤمنُ أو راءى فموضوع آخر ، لذلك قال تعالى : { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا … } [ الحجرات : 14 ] فردَّ عليهم { قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا … } [ الحجرات : 14 ] أي : الإسلام الظاهري { وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ … } [ الحجرات : 14 ] . إذن : هنا قال في الناجين المؤمنين والمسلمين ، وفي موضع آخر قال : { إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ ٱلْغَابِرينَ } [ العنكبوت : 33 ] لأن الأهلية على حقيقتها ليستْ أهلية الدم والنسب ، إنما أهلية الدعوة ، أهلية اتباع بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " سلمانُ منَّا أهل البيت " . وسيدنا نوح لما قال لربه عز وجل : { رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي … } [ هود : 45 ] قال له : { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ … } [ هود : 46 ] . وقوله سبحانه : { وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [ الذاريات : 37 ] أي : في القرية والمكان الذي حدثت فيه هذه العملية ، قالوا : الآية الباقية بعد هلاكهم هي الحجارة التي أهلكهم الله بها ما تزال موجودة ، ومَنْ يراها يقول : هذه ليست من حجارة الأرض ، بل هي نوع آخر هي الحجارة التي نزلتْ على هؤلاء المجرمين فأهلكهم الله بها . وهكذا تظل هذه الآية باقية لردْع كلّ مَنْ تُسوِّل له نفسه أنْ يفعل فعلهم . وقالوا : بل الآية التي تركها الله شاهداً عليهم هي عَيْنٌ مُنتنة ، لا يطيق الإنسانُ أنْ يشمَّها .