Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 54-55)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ … } [ الذاريات : 54 ] أعرض عنهم ودَعْك منهم ، فأنت غير مطالب بأن تحملهم على الإيمان ، وما عليك إلا البلاغ وفقط ، وفي أكثر من موضع خاطب الحق سبحانه نبيه بهذا المعنى : { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } [ الشعراء : 3 ] . أنت ستهلك نفسك من أجلهم وحرصاً على هدايتهم ، والهداية ليست مهمتك ، مهمتك البلاغ والهداية من الله { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } [ الشعراء : 4 ] . يعني : لو شئتُ لجعلتُهم مؤمنين قهراً كإيمان السماء والأرض ، لكنني أريد أيمانَ القلب لا إيمانَ القالب . { فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ } [ الذاريات : 54 ] يعني : لا لوم عليك في عدم إيمانهم ، وإنْ حدث لوْم لرسول الله فهو لوْم له لا عليه ، لوْم لصالحه ورحمة به صلى الله عليه وسلم ، كما لامه ربّه في مسألة الأعمى عبد الله بن أم مكتوم فقال تعالى : { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } [ عبس : 1 - 3 ] لامه لأنه كلَّف نفسه فوق طاقتها ، وأعرض عن هذا المؤمن حِرْصاً منه على هداية صناديد قريش . وقوله سبحانه : { وَذَكِّرْ … } [ الذاريات : 55 ] يعني مهمتك أنْ تُذكِّر الناس بالله وبمنهج الله ، ذكِّر وفقط ، ذكِّر مَنْ جاءك ومَنْ انصرف عنك { فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الذاريات : 55 ] ، فالمؤمن هو الذي ينتفع بالتذكير ويتمسَّك بالإيمان .