Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 52, Ayat: 22-23)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَأَمْدَدْنَاهُم … } [ الطور : 22 ] يعني : أن هذا عطاء جديد فوق ما سبق وزيادة عليه { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا … } [ الطور : 23 ] أي : في الجنة يتنازعون الكأس أي : يتجاذبونه . وهذا التجاذب ليس عن خلاف أو بغضاء ، إنما عن موادعة وملاطفة وأنْس ، فكأنهم يشربون في متعة وانسجام وتدلُّل . { يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً … } [ الطور : 23 ] الكأس هو الوعاء الذي يُشرب فيه الخمر ، ولا يسمى كأساً إلا إذا كان ممتلئاً فإنْ كان فارغاً فهو كوب . ومعنى { لاَّ لَغْوٌ فِيهَا … } [ الطور : 23 ] اللغو : العمل الذي لا فائة منه ، وهو الكلام الساقط الذي لا معنى له لكن لا إثم فيه { وَلاَ تَأْثِيمٌ } [ الطور : 23 ] لا إثم فيه ولا يجرّك إلى محرم . وهذه ميزة خمر الآخرة ، والفرق بينها وبين خمر الدنيا ، أن خمر الدنيا تذهب العقل وتحمل شاربها على الهذيان وفقدان العقل ، وبالتالي يحدث منه اللغو ، ويحدث منه الإثم . أما خمر الآخرة فمنزّهة عن هذا ، لذلك وصفها الحق سبحانه بقوله : { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ … } [ محمد : 15 ] إذن : صفَّاها الحق سبحانه من عيوبها ، فليس لها من خمر الدنيا إلا الاسم ، وإذا رأيتَ الذي يشرب الخمر تراه يدلقها في خلقه هكذا مرة واحدة لماذا ؟ لأنها كريهة الطعم والرائحة . أما في الآخرة فيتذوقها ويتمتع بلذتها ، فإذا كانت خمر الدنيا بهذه الصفة فلماذا يشربونها ؟ حين تسأل يقول لك : لأنسى همومي وأحزاني ومشاكلي . وهذا عجيب لأن الله تعالى لا يريد منَّا أنْ ننسى الهموم والأحزان ونفر منها ، إنما يريد منا أنْ نُعايشها ونعرف أسبابها ، ونحاول التغلب عليها . إذن : لا فائدة من نسيانها وسترها .