Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 1-2)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحق سبحانه وتعالى يقسم بما يشاء من مخلوقاته وهنا يقسم بالنجم ، فالواو واو القسم النجم مُقسَم به ، والنجم يُطلق في اللغة على معنيين : النجم الذي في السماء كالشمس والقمر . وقد قال الله فيه { وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } [ النحل : 16 ] أي : في سيرهم ليلاً ، والنجم هو العُشْب الذي لا ساقَ له وترعاه الإبل في الصحراء . وقد جمع الحق سبحانه المعنيين في قوله تعالى : { ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَٱلنَّجْمُ وَٱلشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } [ الرحمن : 5 - 6 ] . وجمعهما الشاعر فقال : @ أرَاعِي النجْمَ فِي سَيْري إليْهَا وَيَرْعَاهُ مِنَ البيدا جَوَادِيَ @@ وتأمل هنا دقة الأداء القرآني ، فالشمس والقمر دلَّتْ على نجم السماء ، والشجر دَلَّ بالمصاحبة على نجم الأرض ، والجميع يسجد لله ويخضع له أعظم شيء وأدنى شيء ، الكل في الانقياد سواء . وفي موضع آخر قال سبحانه : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } [ الواقعة : 75 - 76 ] فالقسم بالنجم قسَم بآية عظيمة من آيات الله ، والقسَم بالنجم هنا يخصُّ حالة من حالاته . { وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } [ النجم : 1 ] أي : سقط ، فالنجم علامة في السماء تهدي السائر وتدلُّه ، فإذا سقط امتنعتْ الهداية ، وامتنعت الفائدة ، لكن محمداً صلى الله عليه وسلم ما ضَلَّ وما غوى . { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } [ النجم : 2 ] وهذا هو جواب القسم ، وكأنه سبحانه يقول : وإنْ سقط النجم الذي يهدي السائرين ، فنجم محمد لا يسقط أبداً ، نجم السماء يهدي للماديات وهي موقوتة ، ونجم محمد يهدي للقيم وللمعنويات وهي باقية دائمة . ومعنى { مَا ضَلَّ … } [ النجم : 2 ] أي : ما حاد عن الحق ولا مال عنه ، ولا عدل عن سبيل الهدى { صَاحِبُكُمْ … } [ النجم : 2 ] هو محمد صلى الله عليه وسلم ، وصاحب القوم واحد منهم مُحبَّب إليهم ذو مكانة بينهم { وَمَا غَوَىٰ } [ النجم : 2 ] الغواية هي الاعتقاد الباطل ، فما اعتقد محمد اعتقاداً باطلاً أبداً حتى قبل بعثته .