Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 42-42)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إلى ربك المرجع ، وإلى ربك المصير والمنتهى ، والآية فيها أسلوب قَصْر بتقديم الخبر على المبتدأ { إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلْمُنتَهَىٰ } [ النجم : 42 ] إلى ربك وحده دون سواه تنتهي الأمور في الآخرة ، فالدنيا ليست هي نهاية المطاف ، وليست هي الغاية ، وهذه مسألة يُقِرُّ بها العقل قبل الشرع . فلو كانت الدنيا هي الغاية وهي النهاية ، لكانت الحظوة لأهل الشهوات ولأهل الظلم والتعدِّي ، لأنهم حققوا ما يريدون في الدنيا وعاشوها بالطول والعرض ، ففازوا بمتاع الدنيا ، ولم يعاقبوا عليه ولم يحاسبوا . إذن : العقل يقول : لا لابدَّ أن هناك يوماً للحساب وللقصاص ، العدل يقتضي ذلك . ولو أيقن الناسُ بهذه الآية وفهموا هذا المعنى لاستقامتْ أمورهم ، ولفكَّر الإنسانُ مرة وألف مرة قبل أنْ يُقدم على معصية الله أو ظلم الخَلْق ، ولعمل حساباً لهذا المنتهى الذي لابدَّ له أنْ ينتهي إليه . وهذه الآية أيضاً تدلنا على أن العبد وإنْ خلقه ربه مختاراً يؤمن أو يكفر ، يطيع أو يعصي ، فإن هناك منطقة أخرى قهرية لا اختيار له فيها ، وهل لك اختيار في غِناك أو فقرك ؟ صحتك أو سقمك ؟ حياتك أو موتك ؟ إذن : مهما كنتَ حراً ومختاراً فلا غنى لك عن ربك ، ولا ملجأ لك غيره ، فلا تتمرد عليه بالعصيان ، لأن منتهاك إليه في الآخرة للحساب ، ومنتهاك أيضاً في أمور حياتك الدنيوية إليه وحده ، فأنت في قبضة قدره لا تستطيع الانفلات منها . فالذي يتمرّد على منهج الله أيستطيع أنْ يتمرد على المرض إنْ أصابه ؟ أيستطيع أنْ يمتنع عن ملَك الموت إنْ جاء أجله ، إذن : لك منتهى في الدنيا قبل منتهى الآخرة . ثم يقول الحق سبحانه : { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ … } .