Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 110-110)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وحين تقول : أنا أقلب السلعة فهذا يعني أنك تفحصها . والحق يبلغنا هنا : أنا قلبت قلوبهم على كل لون ولن آخذ بظاهر الفؤاد ، بل بلطفي وعظيم خبرتي أعلم الباطن منهم فاطمئنوا إلى أن حكمي هو الحكم الحق الناتج من تقليب لطيف خبير . وقد يكون هنا معنى آخر ، أي أن يكون التقليب لوناً من التغيير فمن الجائز أنهم حينما أقسموا بالله جهد أيمانهم كانوا في هذا الوقت قد اقتربوا من الإيمان ولكن قلوبهم لا تثبت على عقيدة . بل تتقلب دائماً . وما دامت قلوبهم لا تثبت فأنَّى لنا بتصديقهم لحظة أن أقسموا بالله جهد أيمانهم على إعلان الإيمان إن جاءت آية ؟ وهل فيهم من يملك نفسه بعد مجيء الآية أيظل أمره أم يتغير ؟ . لأن ربنا مقلب القلوب وما كنت تستحسنه أولاً قد لا تستحسنه ثانياً . حين { نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ } أي أن الحكم قد جاء عن خبرة وإحاطة علم { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } . إن الإيمان يحتاج إلى استقبال آيات كونية بالبصر ، وبعد أن تستقبل الآيات الدالة على عظمة الإِله تؤمن به ويستقر الإيمان في فؤادك . وسبحانه يوضح لنا أنه يقلب أفئدتهم وأبصارهم ، هل يبصرون باعتبار واقتناع ؟ أم هي رؤية سطحية لا فهم لهم فيها ولا قدرة منهم على الاستنباط ؟ وهل أفئدتهم قد استقرت على الإيمان أو أن أبصارهم قاصرة وقلوبهم قاصرة ؟ { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأنعام : 110 ] . إذن فهم لا يؤمنون ويسيرون إلى ضلالهم . فإن جاءت آية فلن يؤمنوا ، وفي هذا عذر للمؤمنين في أنهم يرجون ويأملون أن تنزل آية تجعل من أقسموا جهد الإيمان أن يؤمنوا . لماذا ؟ لأن الحق قال : { كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، أي أنهم لم يتغيروا ولذلك يصدر ضدهم الحكم { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } والطغيان هو تجاوز الحد ، وهم قد تجاوزوا الحد هنا في استقبال الآيات ، فقد جاءتهم آيات القرآن وعجزوا عن أن يأتوا بمثلها ، وعجزوا عن أن يأتوا بعشر سور ، وعجزوا عن أن يأتوا بسورة ، وكان يجب ألا يطغوا ، وألا يتجاوزوا الحد في طلب الاقتناع بصدق الرسول . { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } و " العمه " هو التردد والحيرة ، وهم في طغيانهم يترددون ، لأن فيهم فطرة تستيقظ ، وكفر يلح يقولون لأنفسهم : أنؤمن أو لا نؤمن ؟ والفطرة التي تستيقظ فيهم تلمع كومضات البرق ، وكان يجب ألا يترددوا : أو { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ } في النار لأن البصر لم يؤد مهمته في الاعتبار ، والقلب لم يؤد مهمته في الفقه عن الله ، فيجازيهم الله من جنس ما عملوا بأن يقلب أبصارهم وقلوبهم في النار . ويقول الحق بعد ذلك : { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ … } .