Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 150-150)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وما دمتم لا تملكون العلم فمن المحتمل انكم تملكون شهوداً على ما تقولون . والخطاب : { هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ } هو خطاب للجماعة ، و " هلم " يستوي فيها المفرد والمفردة والمثنى مذكراً كان أم مؤنثاً . والجمع مذكراً أو مؤنثاً ، فتقول : هلم يا زيد إليّ ، وهلم يا هند إليّ ، وهلم أيضاً لجماعة الذكور ولجماعة الإناث ، وهذه لغة الحجازيين . وتختلف عن لغة بني تميم التي يزيدون عليها فيقال : " هلم يا رجل " ، و " هلمي يا امرأة " ، و " هلما ، وهلموا ، وهلممن " . والقرآن نزل بلغة قريش " الحجازيين " ، والحق يقول : { هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ } . أي هاتوا وأحضروا شهداءكم أن الله حرّم هذا ، إنكم بلا علم ، وكذلك لا شهود عندكم على المدعي فإن كان عندكم شهود هاتوا هؤلاء الشهود . وماذا إن أحضروا شهود زور ؟ إنه - سبحانه - يحذر رسوله ويوضح له أنهم حتى ولو أحضروا شهداء إياك أن تصدقهم فهم كذابون . وكأن الله يريد أن يفضح الشهود أيضاً أمام المشهود أمامهم ، ويعطي أيضاً قضيتين اثنتين فسبحانه يدحض ويبطل حجتهم ، ويفضح الشهود الذين جاءوا بهم . فكأنه قال : هاتوا هؤلاء الذين قالوا لكم هذا الكلام ، وفي ذلك فضيحة لمن لقنهم هذه الأوامر . ويأمر الحق رسوله ألا يتبع الذين كذبوا بآياته سبحانه . وكلمة " أهواء " ، جمع هوى ، وهو ما يختمر في الذهن ليلوي الإِنسان عن الحق فهو شهوة ترد على الذهن فتجعله يعدل عن الحق : { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } [ الأنعام : 150 ] . وهم لا يكذبون بآيات الله فقط بل لا يؤمنون بالآخرة أيضاً لأنهم لو كانوا يؤمنون بالآخرة لعلموا أنهم مجازون على هذا جزاء يناسب جرائمهم ، ولو أنهم قدروا هذه المسألة لامتنعوا عن اتباع أهوائهم . ويذيل الحق الآية بقوله الكريم : { وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } [ الأنعام : 150 ] . ونفهم من كلمة " يعدل " أنها من العدل بمعنى القِسط إذا قيل : عدل في كذا ، أو عدل بين فلان وفلان أو عدل في الحكم ، أما عدل بكذا فيكون المراد منها أنه جعله عديلاً ومساويًّا . وجاءت بهذا المعنى في آية أخرى هي قوله الحق : { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَاتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } [ الأنعام : 1 ] . أي يجعلون ما لا يصح أن يكون مساويًّا لله مساويًّا وعدلا لله . وهذا فعل من جعلوا لله شركاء ، وكذلك من لا يؤمنون بالله فالواحد منهم يعدل عن ربه عدولاً ويميل ويعرض عنه ويشرك به ويسوِّي به غيره . ويجب أن نلحظ عند النطق بكلمة " التوحيد " وهي : " لا إله إلا الله " ألا نقف عند قول : لا إله لأن ذلك يعني إنكار ونفي وجود إله وهذا والعياذ بالله كفر . إذن يجب علينا أن نصلها بما بعدها فنقول : لا إله إلا الله أو نكون عند نطقنا بلفظ لا إله قد انعقدت قلوبنا على وحدانيته وما يجب له - تعالت عظمته - من صفات الجلال والكمال ، ومعنى لا إله إلا الله أنه لا معبود بحق إلا الله ، لأن المعبودين بباطل كثيرون كالأصنام والنجوم والجن وبعض الإِنس والملائكة وغير ذلك . وكلمة { بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } تفيد أنهم أهل شرك ، وكذلك من ينكر وجود الله إنه عن ربنا يعدل ويميل ويحيد عن الاعتراف به إلهاً . ويقول الحق بعد ذلك : { قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ … } .