Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 159-159)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية تشرح الآية التي سبقت خواطرنا عنها ، وهي قوله الحق : { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ الأنعام : 153 ] . والذين فرقوا دينهم نسوا أن الدين إنما جاء ليجمع لا ليفرق ، والدين جاء ليوحد مصدر الأمر والنهي في الأفعال الأساسية فلا يحدث بيننا وبين بعضنا أي خلاف ، بل الخلاف يكون في المباحات فقط إن فعلتها فأهلاً وسهلاً ، وإن لم تفعلها فأهلاً وسهلاً ، وما لم يرد فيه أفعل ولا تفعل فهو مباح . إذن الذين يفرقون في الدين إنما يناقضون منهج السماء الذي جاء ليجمع الناس على شيء واحد لتتساند حركات الحياة في الناس ولا تتعاند ، وإذا كان لك هوى ، وهذا له هوى ، وذلك له هوى فسوف تتعاند الطاقات ، والمطلوب والمفروض أن الطاقات تتساند وتتعاضد . والشيع هم الجماعة التي تتبع أمراً ، هذا الأمر يجمعهم ولو كان ضلالاً . وهناك تشيع لمعنى نافع وخير ، وهناك تشيع لعكس ذلك ، والتشيع على إطلاقه هو أن تجتمع جماعة على أمر ، سواء أكان هذا الأمر خيراً أم شرّاً . { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ } [ الأنعام : 159 ] . إذن هم بعيدون عن منهجك يا محمد ، ولا يصح أن ينسبوا إلى دينك لأن الإسلام جاء لإثبات القيم للوجود مثل الماء لإثبات حياة الوجود . ونعرف أن الماء لا يأخذ لوناً ولا طعماً ولا رائحة ، فإن أخذ لوناً أو طعماً أو رائحة فهو يفقد قيمته كماء صاف . وكذلك الإسلام إن أخذ لوناً ، وصار المسلمون طوائف فهذا أمر يضر الدين ، وعلينا أن نعلم أن الإسلام لون واحد . { إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [ الأنعام : 159 ] . إن شاء سبحانه عاجلهم بالهزيمة أو بالعذاب ، وإن شاء آجلهم إلى يوم القيامة . ويقول الحق بعد ذلك : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ … } .