Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 161-161)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
و { دِيناً قِيَماً } أي تقوم عليه مسائل الحياة ، وهو قائم بها ، و " قيماً " مأخوذة من " القيمة " أو من " القيام " على الأمر ، وقام على الأمر أي باشره مباشرة من يصلحه ، كذلك جاء الدين ليصلح للناس حركة حياتهم بأن أعطاهم القيم ، وهو قائم عليهم أيضاً : { دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } . وفي كل أمر مهم له خطره ومنزلته يأتي لنا الحق بلمحة من سيرة سيدنا إبراهيم عليه السلام ، لأنه صلوات الله وسلامه على نبينا وعليه فيه القدر المشترك الذي يجمع كفار مكة ، وأهل الكتاب الذين يتمحكون فيه . فقالت اليهود : إبراهيم كان يهوديًّا ، وقالت النصارى : إن إبراهيم كان نصرانيًّا ، وربنا يقول لهم ولنا : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً } [ آل عمران : 67 ] . واليهودية والنصرانية جاءتا من بعده . أما بالنسبة للجماعة الأخرى ففي بيئتهم ، وكل حركات حياتهم ، وتجارتهم ونفعهم من آثار إبراهيم عليه السلام ما هو ظاهر وواضح . يقول الحق : { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِيۤ إِلَيْهِمْ } [ إبراهيم : 37 ] . فسيدنا إبراهيم هو الذي رفع القواعد من البيت الحرام ، وهو الذي عمل لهم مهابة جعلت تجارتهم تذهب إلى الشمال وإلى الجنوب ولا يتعرض لها أحد ، وجاءت لهم بالرزق الوفير . وحين يقول الحق : { دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 161 ] . المقصود هو الدين الذي تعيشون في كنف خيرات آثاره ، و " الحنف " هو اعوجاج في القدم . وبطبيعة الحال لم يكن دين إبراهيم مائلاً عن الحق والصواب بل هو مائل عن الانحراف دائم الاستقامة . ونعرف أن الرسل إنما يجيئون عند طغيان الانحراف ، فإذا جاء إبراهيم مائلاً عن المنحرف فهو معتدل . ويقول الحق بعد ذلك : { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي … } .