Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 28-28)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
إنهم يطلبون العودة إلى الدنيا لا لينفذوا الوعد في طلبهم المستحيل لأنهم سيفعلون مثلما فعلوا من قبل ، كفراً ونكراناً وجحوداً . إنهم لجأوا إلى هذا القول من فرط الخوف مما أعده الله لهم . بعد أن ظهر لهم كل ما كانوا يفعلونه في الدنيا من كفر وجحود . ويقال عن يوم القيامة " يوم الفاضحة " لأن كل إنسان سيجد كتابه في عنقه ، ويقال له : { ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } [ الإسراء : 14 ] . فإذا كنا في الدنيا نسجل الأحداث بالصوت والصورة فما بالنا بتسجيل الحق لنا ؟ ويرى الإنسان مَكْرَه يوم القيامة بالصوت والصورة ، وكل فعل فعله سيراه بطريقة لا يمكن معها أن ينكره ، وكأن الحق يوضح لكل عبد : أنا لن أحاسبك بل سأترك لك أن تحاسب نفسك . ويفاجأ الإنسان أن جوارحه تنطق لتشهد عليه : الأيدي تنطق بما فعل ، واللسان ينطق بما قال ، والقدم تحكي إلى أين ذهب بها صاحبها ، فهذه الجوارح التي كانت تنفعل لمراد صاحبها في الدنيا ، يختلف موقفها في الآخرة ولا تنفذ في اليوم الآخر مراد الإنسان بل مراد من أعطى الإنسان المراد . { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] . مثال ذلك - ولله المثل الأعلى - نجد السرية أو الكتيبة المقاتلة لها قائد يحكم الجنود ، فإن أعطاهم أوامر خاطئة فهم ينفذونها ، وبعد انتهاء المعركة يسألهم القائد الأعلى ، فيقولون سلسلة الأوامر الخاطئة التي أصدرها قائدهم المباشر . فإياك أن تظن أيها الإنسان أن أبعاضك مؤتمرة بقدرتك عليها دائما ، إن سيطرتك عليها أمر منحك الله إياه ، ويسلبه منك متى شاء في الدنيا . ويأتي يوم القيامة لتنتهي سيطرتك على الأبعاض . وأنت ترى في الدنيا بعضاً من صور سلب السيطرة على الأبعاض لتتذكر قدرة الواهب الأعلى فأنت ترى من لا يرى ، وترى من فقد السيطرة على جارحة أو أكثر من جوارحه ، وذلك تنبيه من الله على أن سيطرة الإنسان على الجوارح إنما هي أمر موهوب من الله . وقول الحق سبحانه عن الكافرين : { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } يفضح تدليسهم في الحياة الدنيا ، ثم يجيب الله على تمنيهم السابق المليء بالذلة والمسكنة ، التمني بالعودة إلى الدنيا ، فيقول سبحانه : { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } . فهم كاذبون في الوعد بأن يؤمنوا لو عادوا إلى الدنيا ، يوضح ذلك قول الحق سبحانه : { وَقَالُوۤاْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا … } .