Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 49-49)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والذين كذبوا بآيات الله هم إما من كذب الرسول في الآيات الدالة على صدقه وهو المبلغ عن الله ، وهؤلاء دخلوا في دائرة الكفر . وإمّا هم الذين كذبوا بآيات المنهج ، فلم يستخدموا المنهج على أصوله وانحرفوا عن الصراط المستقيم والطريق السوي . وهؤلاء وهؤلاء قد فسقوا ، أي خرجوا عن الطاعة ، ونعلم أن كلمة " الفسق " مأخوذة من خروج " الرطبة " عن قشرتها عندما يصير حجمها أصغر مما كانت عليه لاكتمال نضجها . والذي يفسق عن منهج الله هو الذي يقع في الخسران لأن منهج الله هدفه صيانة الإنسان المخلوق لله بـ " افعل كذا " و " لا تفعل كذا " . إن الإنسان يفسق عندما لا يفعل ما أمره الله أن يفعله ، أو يفعل ما نهاه الله عن أن يفعله . ونجد الإنسان منا يخاف على جهاز التسجيل أو جهاز التليفزيون من أن يفسد فيتبع القواعد المرعية لاستخدامه . فلا يمد - مثلاً - جهازاً من الأجهزة الكهربية بنوعية من الطاقة غير التي يحددها الصانع ، فإن قال لصانع : استخدم كهرباء مقدارها مائتان وعشرون فولتاً حتى لا تفسد الآلة فالإنسان ينصاع لما قاله الصانع ، فما بالنا بالإنسان ، إن الله - جلت قدرته - خلق الإنسان ووضع له قوانين صيانته . إذن فمن يفسد في قوانين صيانة نفسه يمسه العذاب ، وكلمة يمسهم العذاب تعطي وتوحي بأن العقوبة تعشق أن تقع على المجرم ، كأن العذاب سعى إليه ليناله ويمسه وهاهوذا قول الحق عن النار . { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } [ الملك : 8 ] . وهو سبحانه القائل عن النار : { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } [ ق : 30 ] . إذن فالعقوبة نفسها حريصة على أن تنفذ إلى من أساء . ولذلك يلح العذاب في أن يمس الذين فسقوا . ويأتي الحق هنا بكلمة " المس " لحكمة ، ذلك أن عقوبة الله لا تقارن بعقوبة البشر . فالإنسان يعاقب إنساناً بمقياس قدرته وقوته ، وليس لأحد من الخلق أن يتمثل قدرة الله في العذاب ، ولذلك يكفي المس فقط ، لأن التعذيب يختلف باختلاف قدرة المعذِّب ، فلو نسبنا التعذيب إلى قدرة الله لكان العذاب رهيباً لا طاقة لأحد عليه . ويقول الحق بعد ذلك : { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي … } .