Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 51-51)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي أنذر بالوحي - الذي تتبعه - هؤلاء الذين يخشون يوم اللقاء مع الله . والإنذار - كما نعلم - هو إعلام بشيء مخيف قبل وقوعه لنتفادى أن يقع . وما المراد بهؤلاء الذين يطلب الحق من رسوله إنذارهم بالوحي ؟ في أول الإسلام كان إقبال بعض المؤمنين على العمل الإيماني ضعيفاً ، وما دام في قلوبهم إيمان ، ويخشون لقاء الله فالوحي إنذار لهم بضرورة العمل الإيماني الجاد . كما يجوز أن يكون الإنذار بالوحي لأهل الكتاب لأنهم يعرفون أن هناك يوماً آخر سيلقون فيه الله . وقد يكون الإنذار لإنسان يؤمن بالبعث ولكنه يشك في الأنبياء وشفاعتهم ، فهذا الصنف قد يحمله التخويف والإنذار إلى أن يعيد النظر في قضية الإيمان ويتقبل النبأ الصدق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولنا أن نأخذ الإنذار بالوحي على أي وجه من الوجوه السابقة . ولكن هل يخاف المؤمن أن يحشر إلى الله ؟ لا . إن المؤمن إنما يخاف أن يحشر مجرداً من الولي والناصر . إذ في الحقيقة ليس هناك أحد يحمي وينصر من الله ، ولا شفيع يخلص من عذاب الله إلا بإذنه { مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] وهذا ما يعتقده المؤمنون . وقد حدد الحق ذلك في قوله : { لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } [ الأنعام : 51 ] . إنهم هم المؤمنون الذين آمنوا بالله ، وبرسوله ولكنهم قصروا في بعض المطلوبات والتكاليف التي ينطوي عليها قوله الحق : { فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ } [ الأنعام : 48 ] . هؤلاء المؤمنون عندما يجيئهم الإنذار فهم قد يصلحون من أمورهم خوفاً من الحشر بدون ولي ولا شفيع . المؤمن - إذن - له أمل أن يكون يوم الحشر في ولاية الله ورحمته ، وهؤلاء هم من قال عنهم الحق : { وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 102 ] . وإن كانت الآية الكريمة تتناول وتشمل غيرهم من أهل الكتاب وتشمل وتضم أيضا الذين يؤمنون بالبعث ولكنهم لم يتبعوا أنبياء . ويقول الحق من بعد ذلك : { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ … } .