Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 77-77)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهنا قال إبراهيم عليه السلام : هذا ربي ، ووقف العلماء هنا وتساءلوا : كيف يقول إبراهيم هذا ربي ، وهي جملة خبرية من إبراهيم ، وكيف يجري إبراهيم على نفسه لفظ الشرك ، وأراد العلماء أن يخلصوا إبراهيم من هذه المسألة . ونقول لهؤلاء العلماء : جزاكم الله كل خير ، وكان يجب أن تؤخذ هذه المسألة من باب قصير جداً لأن الذي قال : إن إبراهيم قال : هذا ربي ، هو الذي قال في إبراهيم : { وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ } [ البقرة : 124 ] إذن فقوله { هَـٰذَا رَبِّي } لا تخدش في وفائه الإيماني ، ولا بد أن لها وجهاً . ونعلم أن القوم كانوا يعبدون الكواكب ، ويريد إبراهيم أن يلفتهم إلى فساد هذه العقيدة ، فلو أن إبراهيم من أول الأمر قال لهم : يا كذابون ، يا أهل الضلال ، وظل يوجه لهم السباب لما اهتموا به ولا سمعوا له . لكن إبراهيم استخدم ما يسمي في الجدل بـ " مجاراة الخصم " ليستميل آذانهم ويأخذ قلوبهم معه ، وليعلموا أنه غير متحامل عليهم من أول الأمر ، فيأخذ بأيديهم معه . مثال ذلك في حياتنا ، تجد رجلاً له ابنة وجاء لها خطيب ، وهذا الخطيب قصير جداً ، بينما البنت - ما شاء الله - طويلة ، وحين جاء الخطيب ليراها وتراه تقول لأمها : هذا خطيبي ؟ ! وهذا القول يعني أنها تنكر أن يكون هذا القصير عنها هو خطيبها ، وحين قال إبراهيم : { هَـٰذَا رَبِّي } معناه إنكار أن يكون مثل هذا الكوكب أو ذلك القمر أو تلك الشمس هي الرب . ونلحظ أنه يحدد لهم مصير من يعبد تلك الكواكب ، فقال : { لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } ، وفي هذا معرفة بمن على هدى أو على ضلال ، ويكون قوله : { هَـٰذَا رَبِّي } لونا من التهكم لأنهم قالوا بما جاء به القرآن على لسانهم : { أَهَـٰذَا ٱلَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ } [ الأنبياء : 36 ] . فكأنه قال : سلمنا جدلاً أنه ربكم ، لكنه يأفل ويغيب عنكم ، وقوله : { لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } [ الأنعام : 76 ] يعني أنه غير متعصب ضدهم . وكذلك حين يقول الحق : { فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً … } .