Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 10-10)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المُمَكَّن هو الذي يحتل المكان بدون زحزحة فيقال مكّنتك من كذا . أي أعطيتك المكان ولا ينازعك أحد فيه . وقد مكننا سبحانه في الأرض وجعل لنا فيها وسائل استبقاء الحياة ، وترف الحياة ، وزينة الحياة ، ورياش الحياة ، ولم تبخل الأرض حين حرثناها ، بل أخرجت لنا الزرع ، ولم تغب الشمس عنا بضوئها وإشعاعها وحرارتها . ما في الدنيا يؤدي مهمته ، ولم نُمكَّن في الأرض بقدراتنا بل بقدرة الله . وكان يجب ألاَّ يغيب ذلك عن أنظارنا أبداً . فلا أحد منا مسيطر على الشمس أو القمر أو الريح أو الأرض ، ولكن الذي خلقها وجعلها مسخرة ، هو ربك وربها فأنت مُمَكَّن ، وكل شيء مستجيب لك . بتسخير الله له . { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } [ الأعراف : 10 ] . و " معايش " جمع معيشة ، والمعيشة هي الحياة ، فالعيش هو مقومات الحياة ، ولذلك سموا الخبز في القرى عيشاً لأن عندهم دقة بالغة لأنهم عرفوا أنه مقوّم أساسي في الحياة . وقول الحق : { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } دل على أن هناك من يشكر ، ومن الناس من يشكر نعم الله شكراً عاماً على مجموع النعم ، أو يشكره شكراً خاصّاً عند كل نعمة ، ومنهم من يشكر شكراً خاصّاً لا عند كل نعمة ، ولكن عند جزئيات النعمة الواحدة ، فعندما يبدأ في الأكل يقول : " بسم الله الرحمن الرحيم " ، ويقول بعد الأكل : " الحمد لله " وهناك من يقول عند تناول لقمة واحدة : " بسم الله " وعندما يمضغها ويبلعها يقول : " الحمد لله " لأنها لم تقف في حلقه ، وأيضاً حين نشرب علينا أن نشرب على ثلاث دفعات : أول دفعة نقول : " بسم الله " . وننتهي منها فنقول : " الحمد لله " وكذلك في الدفعة الثانية والدفعة الثالثة . ومن يفعل ذلك فلا تتأتَّى منه معصية ، ما دامت آثار شربة الماء هذه في جسمه لأنها كلها " بسم الله " . فتحرسه من الخطيئة لأن النعمة الواحدة لو استقصيتها لوجدت فيها نعماً كثيرة . وأنتم حين لا تشكرون إنما تضيقون عليكم أبواب النعم من الله لأنكم لو شكرتموه على النعم لزادت النعم عليكم ، { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ … } [ إبراهيم : 7 ] ومن الحمق ألا نشكر . ويقول الحق بعد ذلك : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ … } .