Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 153-153)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا ما حدث ، فبعد أن اتخذوا العجل ، وقال لهم : اقتلوا أنفسكم توبة إلى بارئكم ، ثم تابوا إلى الله وآمنوا بما جاءهم ، غفر الله لهم . وإذا كان الحق قد قص علينا مظهرية جباريته فإنه أيضاً لم يشأ أن يدعنا في مظهرية الجبارية ، وأراد أن يدخلنا في حنان الرحمانية . لذلك يقول هنا : { وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ الأعراف : 153 ] . وقوله : { ثُمَّ تَابُواْ } أي ندموا على ما فعلوا وأصروا وعزموا على ألاَّ يعودوا ، ونعلم من قبل أن التوبة لها مظهريات ثلاثة أولاً : لها مظهرية التشريع ، ولها مظهرية الفعل من التائب ثانياً ، ولها قبولية الله للتوبة من التائب ثالثاً . ومشروعية التوبة نفسها فيها مطلق الرحمة ، ولو لم يكن ربنا قد شرع التوبة في ذاتها لتعب الخلق جميعاً لأن كل من عمل سيئة ، ولم يشرع الله له التوبة سيستشري شره في عمل السيئات . لكن حين يشرع ربنا للمسيء التوبة ، ويدعو العبد للكف عن السيئة فهذه رحمة بالمذنب ، وبالمجتمع الذي يعيش فيه المذنب . بعد ذلك يتوب العبد ، ثم يكون هنا مظهرية أخرى للحق ، وهو أن يقبل توبته . التوبة - إذن - لها تشريع من الله ، وذلك رحمة ، وفعل من العبد بأن يتوب ، وذلك هو الاستجابة ، وقبول من الله ، وذلك هو قمة العطاء والرحمة منه سبحانه . وقوله الحق : { وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُوۤاْ … } [ الأعراف : 153 ] . إنَّ هذا القول يدل على أن عمل السيئة يخدش الإِيمان ، فيأمر سبحانه عبده : جدّد إيمانك ، واستحضر ربك استحضاراً استقباليّاً لأن عملك السيئة يدل على أنك قد غفلت عن الحق في أمره ونهيه ، وحين تتوب فأنت تجدد إيمانك وتجد ربك غفوراً رحيماً : { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } . إن ذنب العبد يكون فيما خالف منهج ربه في " افعل " و " لا تفعل " ، وما دام العبد قد استغفر الله وتاب فسبحانه يقبل التوبة . ويوضح : إذا كنت أنا غفوراً رحيماً ، فإياكم يا خلقي أن تُذَكِّروا مذنباً بذنبه بعد أن يتوب لأن صاحب الشأن غفر ، فإياك أن تقول للسارق التائب : " يا سارق " ، وإياك أن تقول للزاني التائب : " يا زاني " ، وإياك أن تقول للمرتشي التائب : " يا مرتشي " لأن المذنب ما دام قد جدّد توبته وآمن ، وغفر الله له ، فلا تكن أنت طفيليًّا وتبرز له الذنب من جديد . ويقول الحق بعد ذلك : { وَلَماَّ سَكَتَ عَن مُّوسَى … } .