Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 166-166)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وأخذهم بعذاب يدل على أنه لم يزهق حياتهم ويميتهم لأن العذاب هو إيلام من يتألم ، والموت ليس عذاباً لأنه ينهي الإِحساس بالألم ، ولنتعرف على الفارق بين الموت والعذاب حين نقرأ قصة الهدهد مع سيدنا سليمان ، يقول سيدنا سليمان حين تنبه لغياب الهدهد عندما وجد مكانه خالياً : { مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَاْذْبَحَنَّهُ … } [ النمل : 20 - 21 ] . هكذا نرى الفارق بين العذاب وبين الموت . وهنا يقول الحق : { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ } و " عتوا " تعني أبْوا وعصوْا واستكبروا فحق عليهم عذاب الله الذي أوضحه قول الحق : { كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } . لأن " العتو " كبرياء وإباء فيعاقبهم الله بأن جعلهم كأخس الحيوانات فصيرهم أشباه القرود ، كل منهم مفضوح السوءة ، يسخر الناس منهم ويستهزئون بهم . فهل انقلبوا قردة ؟ . نعم لأنك حين تأمر إنساناً بفعل … أَلاَ تُقَدِّر قبل الأمر له بالفعل أنه صالح أن يفعل وألا يفعل ؟ . وحين يقول الله : { كُونُواْ قِرَدَةً } فهل في مكنتهم أن يصنعوا من أنفسهم قردة ؟ . ونقول : إن هذا اسمه " أمر تسخيري " أي أصبحوا وصُيرِّوا قردة . وقد رأوهم على هذه الهيئة من وعظوهم ، وهي هنا مقولة " خبر " نصدقه بتوثيق من قاله ، وكان هذا الخبر واقعاً لمن شاهده . ولذلك نجد المعجزات التي حدثت لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غير القرآن الذي وصلنا ككتاب منهج ومعجزة وسيظل كذلك إلى قيام الساعة ، لكن ألم ينبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم ؟ لقد حدث ذلك وغيره من المعجزات وشاهده أصحابه صلى الله عليه وسلم ، وأخبرونا بالخبر ، وكان ذلك آية تُثبِّت يقينهم وإيمانهم . وتثبت لنا خبراً ، فإن اتسع لها ذهنك فأهلاً وسهلاً ، وإن لم يتسع لها فلا توقف إيمانك لأنها آية لم تأت من أجلك أنت ، وكل معجزة كونية حدثت لرسول الله فالمراد بها من شاهدها ، ووصلتك أنت كخبر ، إن وثقت بالخبر صدقته ، وإن لم تثق به ووقفت عنده فلن ينقص إيمانك . غير أنه يجب على من وصل إليه الخبر بطريق مقطوع به ، أن يصدق ويذعن . وقد أخبر الحق هنا بالأمر بقوله : { كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } بأنه أوقع عليهم عذاباً بأن جعلهم قردة خاسئين ، فهذا عقاب للذين عتوا عمَّا نهوا عنه . والذين وعظوهم أو عاصروهم هم من شاهدوا وقوع العذاب . وهل الممسوخ يظل ممسوخاً ؟ . إن الممسوخ قرداً أو خنزيراً ، يظل فترة كذلك ليراه من رآه ظالماً ، ثم بعد ذلك يموت وينتهي . ويقول الحق بعد ذلك : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ … } .