Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 186-186)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقد كرر الحق هذا التحذير كثيراً ، لأن الأشياء التي قد يقف العقل فيها ، أو تأخذه مذاهب الحياة منها ، ويكررها الله ليجعلها في بؤرة الاهتمام دائماً ، لعل هذا التكرار يصادف وعياً من السامع . وانظر إلى الحق وهو يعدد نعمه في سورة الرحمن فيقول بعد كل نعمة : { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } . إنه يكرر ذكر النعم ليستقر الأمر في ذهن السامع . { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ } [ الأعراف : 186 ] . وسبحانه لا يرغم واحداً على أن يهتدي ، فإن اهتدى فلنفسه ، وإن لم يهتد فليشرب مرارة الضلال . وكلنا يعرف أن الطبيب يكتب أسلوب العلاج للمريض ، ليتم الشفاء بإذن من الله ، الدواء إذن وسيلة إلى العافية ، فإن رفض المريض تناول الدواء فهل في ذلك إساءة للطبيب ؟ لا . وكذلك منهج الله . { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ } [ الأعراف : 186 ] . لكن هل يريد الله الضلال لأحد ، لا ، بل سبحانه دعا الناس جميعاً بهداية الدلالة ، فمن اهتدى زاده بهداية المعونة ، ومن ضل فليذهب إلى الكفر كما شاء . ولذلك يقول لنا الشرع : إياك أن تشرك بالله شيئاً في أي عمل لأن ربنا يقول لنا في الحديث القدسي الذي يرويه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه فيقول : قال الله تبارك وتعالى : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه " . ومعنى الشركة في عرف البشر ، أن مجموعة من الناس عرفوا أن عمل كل منهم ومال كل منهم ، وموهبة كل منهم ، لا تكفي لإقامة مشروع ما ، لذلك يكونون شركة لإنتاج معين ، فهل هناك ما ينقص ربنا ليستكمله من آخر ؟ حاشا لله . بل إن مجرد توهم العبد بأن هناك شريكاً يجعل الله رافضاً لعبادة العبد المشرك . لذلك يقول في الحديث القدسي : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه " . وما دام ربنا قد تنازل عن رعايته له فليتلق المتاعب من حيث لا يدري . ومن قوله تعالى : { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ } [ الأعراف : 186 ] . نتبين أنه حين يحكم الله بضلال إنسان أو بهداية آخر فلن يستطيع البشر أن يعدِّل على الله ، ليجعل شيئاً من ضلال هو هدى ، أو شيئاً من هدى هو ضلال . كما يتضح من تلك الآية الكريمة أن من في قلوبهم مرض يزيدهم الله مرضاً ويتركهم في طغيانهم يعمهون ، والعمه هو فقدان القلب للبصيرة ، والعمى هو فقدان العين للبصر . ويقل الحق - تبارك وتعالى - بعد ذلك : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ … } .