Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 190-190)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ويروى أن هذه الآية قد نزلت في " قٌصَيّ " وهو جد من أجداده صلى الله عليه وسلم ، فقد طلب " قُصَيّ " من الله أن يعطي له الذرية الصالحة ، فلما أعطاه ربنا الذرية الصالحة سماها بأسماء العبيد ، فلم يقل : عبد الله أو عبد الرحمن ، بل قال : عبد مناف ، عبد الدار ، عبد العزى . وجعل لله شركاء في التسمية ، ولهذا جاء قول الحق : { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا } ليدلنا على أن الإنسان في أضعف أحواله ، أي حينما يكون ضعيفاً عن استقبال الأحداث ، يخطر بباله ربنا لأنه يحب أن يسلم نفسه لمن يعطي له ما يريده ، وبعد أن ينال مطلبه ينسى ، ولذلك يقول الحق : { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ يونس : 12 ] . إذن فائدة الضر أنه يجعلنا نلجأ إلى ربنا ، ولذلك نجد الإنسان أحسن ما يكون ذكراً لله وتسبيحاً لله حينما يكون في الشدة وفي المرض ، ولذلك لو قدر المريض نعمة الله عليه في مرضه وشدته ، لا أقول : إنه قد يحب أن يستطيل مدة المرض والشدة . لا ، بل عليه فقط ألا يضجر وأن يلجأ إلى ربه ويدعوه . وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك حينما قال : " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين . أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي . إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدوّ مّلكته أمري ؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك ، أو يحل عليّ سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك " . والإنسان ساعة يوجد في المرض عليه أن يعرف النعمة فيه ، فهو في كل حركة من حركاته يذكر الله ، وكما تخمد فيه طاقات الاندفاعات الشهوانية ، يمتلىء بإيجابيات علوية ، ولذلك نجد الحديث القدسي يقول فيه ربنا سبحانه وتعالى : " يا ابن آدم مرضت فلم تعدني ، قال : وكيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده ؟ أما علمت أنك لو عُدته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني ، قال : يا رب . كيف أطعمك ، وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان ، فلم تطعمه ؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني ، قال : يا رب . كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه ، أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي " . إذن ماذا عن حال مريض يستشعر أن ربه عنده ، ويكون في المرض مع المنعم ، وفي الصحة مع النعمة . { فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ الأعراف : 190 ] . ومعنى هذا أن ربنا تبارك وتعالى ينزه نفسه عما يقول فيه المبطلون ويشركون معه ما يزعمون من آلهة . ولذلك يقول سبحانه وتعالى : { أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ … } .