Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 196-196)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وما دام الوليّ هو الله ، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يبالي بهم ، و " الولي " هو الذي يليك ، وأنت لا تجعل أحداً يليك إلا أقربهم إلى نفسك ، وإلى قلبك ، ولا يكون أقربهم إلى نفسك وإلى قلبك ، إلا إذا آنست منه نفعاً فوق نفعك ، وقوة فوق قوتك ، وعلماً فوق علمك ، وقول الرسول بأمره سبحانه وتعالى : { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ } . أي أنه ناصري على أي كيد يحاول معسكر الشرك أن يصنعه أو يبيته لي . فالله هو ولي الرسول أي ناصره ، والقريب منه بصفات الكمال والجلال التي تخصه سبحانه وتعالى ، وعندما يكون لمؤمن خصلة ضعف فهو يذهب لمن عنده خصلة قوة ، ولذلك قلنا في قصة موسى عليه السلام حين التفت قومه ووجدوا قوم فرعون فقالوا : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } [ الشعراء : 61 ] . أي أن جيش فرعون سيدركهم ، لأن البحر أمامهم والعدو وراءهم . وليس أمامهم فسحة أمامية للهرب ولا منفذ لهم إلا أن يصمدوا أمام جيش فرعون وهم بلا قوة ولم يكذبهم موسى عليه السلام في قولهم . بل قال لهم يطمئنهم : { كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 62 ] . وهنا خرجت المسألة عن أسباب البشر وانتهت إلى الركن الشديد الذي يأوي إليه الرسل . ولا يقول هذا القول إلا وهو واثق تمام الثقة من نصرة الله ، وسبق أن رويت لكم حكاية المرأة الأوروبية التي أسلمت لأنها كانت تقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم كبطل من أبطال العالم ، صنع أكبر انقلاب في تاريخ البشرية ، ولما مرت في تاريخه صلى الله عليه وسلم ، قرأت أن صحابته كانوا يحرسونه من خصومه وأعدائه ، إلى أن فوجئوا في يوم ما بأن قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اذهبوا عني . فإن الله أنزل عليّ : { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } " [ المائدة : 67 ] . واستوقفت هذه الواقعة هذه المرأة فقالت : إن هذا الرجل إن أراد أن يكذب على الناس جميعاً ما كذب على نفسه ، ولا يمكن أن يُسلم نفسه لأعدائه بدون حراسة إلا إذا كان واثقاً من أن الله أنزل عليه هذا ، وأنه قادر أن يعصمه ، وإلا دخلَ بنفسه في تجربة . والباحثة من هذه الواقعة قد أخذت لفتة العبرة . وفي مثل هذا يقول الحق تبارك وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم : { قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ } [ الأعراف : 195 ] . وكأنه صلى الله عليه وسلم يستدعيهم إلى التحدي بالمعركة بالمكر والتبييت ، وألا يتأخروا عن ذلك وهو واثق من أن الله عز وجل ينصره . { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ } [ الأعراف : 196 ] . وأنزل الحق تبارك وتعالى على رسوله الكتاب المبين ليبلغه للخلق ، ولا يمكن أن يسلمه إلى عدو يمنعه من تمام البلاغ عن الله . لقد أنزل الحق الكتاب على رسوله ليبلغه إلى الكافة ولا يمكن أن يتخلى عنه . { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ } [ الأعراف : 196 ] . وقوله : { وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّٰلِحِينَ } أي أنه لا يجعل الولاية خصوصية للرسول صلى الله عليه وسلم ، بل يقول لكل واحد من أتباعه : كن صالحاً في أي وقت ، أمام أي عدو ، ستجد الله وهو يتولاك بالنصر ، وساعة يعمم الله الحكم فهو ينشر الطمأنينة الإيمانية في قلوب أتباعه صلى الله عليه وسلم . وكل من يحمل من أمر دعوته صلى الله عليه وسلم شيئاً ما سوف يكون له هذا التأييد ، وسبحانه الذي جعل رسوله مُبلغاً عنه المنهج ، وهو سبحانه يتولى الصالحين لعمارة الكون لأن الله قد جعل الإنسان خليفة ليصلح في الكون ، وأول مراتب الإصلاح أن يبقى الصالح على صلاحه ، أو أن يزيده صلاحاً إن أمكن . ويقول سبحانه بعد ذلك : { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ … } .