Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 21-21)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
" قاسم " مادة فاعل ، تأتي للمشاركة ، أي أن هناك طرفين اثنين ، كل منهما فاعل في ناحية ومفعول في ناحية أخرى ، مثل شارك زيد عمراً ، وهي تعني أيضاً أن عمراً شارك زيداً ، وهكذا تكون مادة فاعل وتفاعل ، فكل منهما فاعل من جهة ومفعول من جهة . وفي المعنى نجد الاثنين فاعلاً ومفعولاً ، إذن " قاسم " تحتاج إلى عمليتين اثنتين … فهل جلس إبليس يقسم لآدم وزوجته ، وهما يقسمان ؟ . ونقول : لا لأنها تأتي مرة لغير المفاعلة ، أو للمفاعلة اللزومية ، والمفاعلة اللزومية تتضح في قوله الحق : { وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ … } [ الأعراف : 142 ] . وواعدنا ، مثلها مثل فاعل ، من الذي واعد ؟ . إنه الله الذي وعد موسى عليه السلام ، ودخل موسى في الوعد بقبوله الوعد وتوفيته به . إذن " قاسمهما " أي قبلا القسم ودخلا فيه . { وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } [ الأعراف : 21 ] . و " قاسم " ، أي أقسم ، ولذلك حينما عاتب ربنا سيدنا آدم أوضح سبحانه : أنا قلت إنه عدو لك ولزوجك ولسوف يخرجنكما من الجنة لتتعب وتشقى ، فقال آدم : يا ربي ما كنت أعتقد أن خلقاً من خلقك يقسم بك على الباطل . ولم يأتِ على البال أن خلقاً يقسم بالله على الباطل . وكانت هذه أول خديعة في الخلق . ولذلك نجد قتادة - رضي الله عنه - يقول : " المؤمن بالله يُخدع " . " والنبي عليه الصلاة والسلام عقد على امرأة ودخلت به ، ومن كيد النساء وهن زوجات للنبي صلى الله عليه وسلم وقد خفن أن يشغف بها حُبًّا ، فقلن لها : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يحب هذه الكلمة ، فإذا دخل عليك فقوليها ! ، قولي : " أعوذ بالله منك " ، ولحظة أن دخل عليها سيدنا رسول الله ، قالت له : " أعوذ بالله منك " . فقال لها : استعذت بمعاذ . ولم يقربها الرسول " ، وهذا ما يشرح لنا كيف يُخدع المؤمن بالله . وها هو ذا سيدنا عبد الله بن عمر كان يعتق من العبيد من يحسن الصلاة ويتقنها ويؤديها في مواعيدها ، ويقف فيها خاشعاً ، وحين عرف العبيد ذلك احترفوا إقامة الصلاة أمام المكان الذي يجلس فيه وكانوا يؤدونها بخشوع ، وكان رضي الله عنه يعتقهم ، وذهب له من يقول : إن العبيد يخدعونك ، فيقول : من خدعنا بالله ، انخدعنا له . والنصح هنا : إغراء بمخالفة أمر الله ، وكان يجب ألا تكون هناك غفلة من آدم ، وكان لا بد أن يقارن بين الأمرين ، بين غواية الشيطان له بالأكل ، وبين أمر الحق سبحانه الذي قال له ولزوجه : لا تقربا . لكنه لم يفعل . ويقول الحق بعد ذلك : { فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا … } .