Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 22-22)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ } أي فأنزلهما من رتبة الطاعة إلى درك المعصية والذنب مما غرهما وخدعهما من القسم و " دلاّ " مأخوذة من دلّى رجليه في البئر كي يرى إن كان فيه ماء أم لا ، أو دلَّى جبل الدلو لينزله في البئر ، ومعناها : أنه يفعل الشيء مرة فمرة ، و " بغرور " أي بإغراء لكي يوقعهما في المخالفة ، فأظهر لهما النصح وأبطن لهما الغش . وهنا وقفة تدل على الاصطراع بين الحق والباطل في النفس ، { فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ } هذا يدل على أنهما بمجرد المذاق تذكرا أن النزغ من إبليس جعلهما يذهبان إلى الشجرة . وأن ما أخذاه فقط كان مجرد المذاق ، فتنبه كلاهما إلى جسامة الأمر . { فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ … } [ الأعراف : 22 ] . و " الخصف " أي تأتي بشيء وتلزقه على شيء لتداري شيئاً . وقديماً حينما كان يبلى نعل الحذاء ، ويظهر به خرق فالإِسكافي يضع عليه رقعة من الجلد تكون أوسع من الخرق حتى تتمكن منه . وهكذا فعل آدم وحواء أخذا من ورق الجنة ووضعا ورقة على ورقة ليداريا السوءة . وقوله الحق : { وَطَفِقَا } يعني وجعلا من ورق الشجر غطاء للسوءات . وهنا يقول الحق : { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } [ الأعراف : 22 ] . لقد كان التكليف هنا في أمر واحد ، والإِباحة في أمور متعددة ، وسبحانه لم يكلفهما إلا بأمر واحد هو عدم الاقتراب من الشجرة ، والمباح كان كثيراً لذلك لم يكن من اللائق أن يتوها عن التكليف . ولم يكن هذا التكليف بالواسطة ولكن كان بالمباشرة ، ولذلك سينفعنا هذا الموقف في الفهم في لقطة للقصة في سورة غير هذه وهو قوله الحق : { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } [ طه : 121 ] ولم يأت الحق هنا بسيرة المعصية ، وقال لهما : { أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } [ الأعراف : 22 ] . وسبحانه لا يجرم إلا بنص ، وسبق أن قال سبحانه : { وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } وأوضح : أن هناك عنصراً إغوائياً هو إبليس وعداوته مسبقة في أنه امتنع عن السجود ، وقد طرده الحق لهذا السبب . إذن إنْ آخذهما وعاقبهما الله بهذا الذنب فهو العادل ، وهما اللذان ظلما أنفسهما . وكان لابد أن يكون الجواب : نعم يا رب نهيتنا ، وقلت لنا ذلك . وهذا إيراد للحكم بأقوى الأدلة عليه لأن الحكم قد يأتي بالإِخبار ، وقد يأتي بالاستفهام بالإِيجاب ، ويكون أقوى لو جاء بالاستفهام بالنفي . { إِنَّ ٱلشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌ مُّبِينٌ } [ الأعراف : 22 ] . ونحن نعلم أن العدو هو الخصم الذي يريد إلحاق الضرر والإيذاء بك ، و " مبين " أي محيط ، وهذا دليل يُظهر عداوة الشيطان وإحاطتها لأنه قد سبق أن أوضح أنه سيأتي من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم . أو بيِّن العداوة وشديد الخصومة . ويأتي الإقرار بالذنب من آدم وحواء : { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَآ … } .