Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 30-30)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اذكروا أننا قلنا من قبل : إن الله هدى الكل … بمعنى أنه قد بلَّغهم بمنهجه عبر موكب الرسل ، وحين يقول سبحانه : { فَرِيقاً هَدَىٰ وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلضَّلاَلَةُ } فالمقصود هنا ليس هداية الدلالة ، لكن دلالة المعونة . وقد فرقنا بين هداية الدلالة وهداية المعونة . وقوله الحق { فَرِيقاً هَدَىٰ } أي هداية المعونة لأن هذا الفريق أقبل على الله بإِيمان فخفف الله عليه مؤونة الطاعة ، وبغّضه في المعصية ، وأعانه على مهمته . أما الذي تأبّى على الله ، ولم يستجب لهداية الدلالة أيعينه الله ؟ لا . إنه يتركه في غيِّه ويخلي بينه وبين الضلالة ، ولو أراده مهديًّا لما استطاع أحد أن يغير من ذلك . وسبحانه منزه عن التجني على أحد من خلقه ، ولكن الذين حق عليهم الضلالة حصل لهم ذلك بسبب ما فعلوا . { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } [ الأعراف : 30 ] . إن من يرتكب المعصية ويعترف بمعصيته فهذه تكون معصية ، أمّا من يقول إنها هداية فهذا تبجح وكفر لأنه يرد الحكم على الله . وخير للذين يرتكبون المعاصي أن يقولوا : حكم الله صحيح ولكننا لم نقدر على أنفسنا ، أما أن يرد العاصي حكم الله ويقول : إنه الهداية ، فهذا أمره عسير لأنه ينتقل من مرتبة عاصٍ إلى مرتبة كافر والعياذ بالله . { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } [ الأعراف : 30 ] . لأنهم يفعلون ما حرم الله ، وليتهم فعلوه على أنه محرّم ، وأنهم لم يقدروا على أنفسهم ، ولكنهم فعلوه وظنوا أن الهداية في الفعل . وهذا الأمر يشيع في معاصٍ كثيرة مثل الربا ، فنجد من يقول : إنه حلال ، ونقول : قل هو حرام ولكن لم أقدر على نفسي ، فتدخل في زمرة المعصية ، ولا تدخل في زمرة الكفر والعياذ بالله ، ويمكنك أن تستغفر فيغفر لك ربنا ، ويتوب عليك ، ولكن أن ترد الحكم على الله وتقول إنه حلال ! ! فهذا هو الخطر لأنك تبتعد وتخرج عن دائرة المعصية وتتردى وتقع في الكفر ، اربأ بنفسك عن أن تكون كذلك واعلم أن كل ابن آدم خطاء ، وما شرع الله التوبة لعباده إلا لأنه قدَّر أن عبيده يخطئون ويصيبون ، ومن رحمته أنه شرع التوبة ، ومن رحمته كذلك أنه يقبل هذه التوبة ، فلماذا تخرج من حيز يمكن أن تخرج منه إلى حيز يضيق عليك لا تستطيع أن تخرج منه ؟ . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ … } .