Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 34-34)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نحن هنا أمام نص قرآني تثبته قضايا الوجود الواقعي فالذين سفكوا ، وظلموا ، وانتهكوا الأعراض ، وأخذوا الأموال . لم يدم لهم ذلك ، بل أمد الله لهم في طغيانهم ، وأخذهم به أخذ عزيز مقتدر . ولو أراد خصومهم الانتقام منهم لما وصلوا إلى أدنى درجات انتقام السماء . ويجري الحق هذا الانتقام من الطغاة لصيانة سلامة المجتمع . فإن رأيت فساداً أو طغياناً إياك أن تيأس لأن الحق سبحانه قد أوضح أن لكل أمة أجلاً ، بداية ونهاية ، ففي أعمارنا القصيرة رأينا أكثر من أمة جاء أجلها . إذن فكل طاغية يجب أن يتمثل هذه الآية : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ الأعراف : 34 ] . والأجل لكل أمة معروف عند الله لأن الباطل والظلم إن لم يعض الناس عضة تجعلهم يصرخون فهم لا يستشرفون إلى الحق ولا يتطلعون إليه ، والألم وسيلة العافية لأنه يؤكد لك أن وضعك غير طبيعي ، وعلى ذلك فالمسائل التي تحدث في الكون وهذه الأمم التي تظلم . وتضطهد . ولها جبروت وطغيان إنما تفعل ذلك إلى أجل معلوم . فإياك أن تيأس ، ولكن عليك أن تستشرف إلى الحق . وإلى جناب الله فتلوذ به وحده ، ولذلك نجد أكثر الناس الذين حدثت لهم هذه الأحداث لم يجدوا إلا واحة الإِيمان بالله ففروا إلى بيته حجاجاً وإلى مساجده عماراً وإلى قراءة قرآنه ذكراً . وننظر إلى هذه الأمور ونقول : إن الطاغية الفاجر مهما فعل فلا بد أن يسخره الله لخدمة دينه ، وهناك أناس لولا أن الدهر عضهم وأخنى عليهم كأن سلط عليهم ظالماً لما فروا إلى الله بحثاً عن نجاة ، ولما التفتوا لربنا عبادة . إن في واقع حياتنا يعرف كل منا أناساً ، كان الواحد منهم لا يعبد ربه فلا يصلي ولا يصوم ولا يذكر ربه ، ثم جاءت له عضة من ظالم فيلجأ الإِنسان المعضوض إلى الله عائذاً به ملتجئا إليه ، ولذلك نقول للظالم : والله لوعرفت ماذا قدمت أنت لدين الله ، ولم تأخذ عليه ثواباً لندمت ، فأنت قد قدمت لدين الله عصبة ممن كانوا من غير المتدينين به . ولو أنك تعلم ما يأتي به طغيانك وظلمك وجبروتك من نصر لدين الله لما صنعته أنت ، إنّ لكل أمة أجلاً ، فإن كنت ظالماً وعلى رأس جماعة ظالمة فلذلك نهاية . وانظر إلى التاريخ تجد بعض الدول أخذت في عنفوانها وشدتها سيادة على الشعوب ، ثم بعد فترة من الزمن تحل بها الخيبة وتأتي السيطرة عليها من الضعاف لأن هذا هو الأجل . إن الحق يعمي بصائرهم في تصرف ، يظنون أنه يضمن لهم التفوق فإذا به يجعل الضعيف يغلبهم ويسيطر عليهم . وإذا جاء الأجل فلا أحد يستطيع تأخيره لأن التوقيت في يد قيوم الكون ، وهم أيضاً لا يستقدمون هذا الأجل ، ونلحظ هنا وجود كلمة " ساعة " ، والساعة لها اصطلاح عصري الآن من حيث إنها معيار زمني لضبط المواقيت ، ونعلم أن اليوم مقسم إلى أربع وعشرين ساعة ، والأقل من الساعة الدقيقة ، والأقل من الدقيقة الثانية ، والأكبر من الساعة هو اليوم . ومن يدري فقد يخترع البشر آلاتٍ لضبط الجزء من الثانية . وكذلك تطلق الساعة على قيام القيامة . ويقول الحق بعد ذلك : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ … } .