Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 40-40)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والحق يريد أن يعطي حكماً جديداً ويحدد من هو المحكوم عليه ليُعرف بجريمته ، وهي جريمة غير معطوفة على سابقة لها ، وليعرف كل إنسان أن هذه جريمة ، وأن من يرتكبها يلقى حكماً وعقاباً . { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا } . وقد عرفنا من قبل معنى الآيات . وأنها آيات القرآن المعجزة أو الآيات الكونية ، وأي إنسان يظن نفسه أكبر من أن يكون تابعاً لمنهج جاء به رسول عرف بين قومه بأمانته ، هذا الانسان يستحق العقاب الشديد . فصحيح أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن له من الجاه ولا سلطان ما ينافس به سادة وكبراء قريش ، ولذلك وجدنا من يقول : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] . إنهم يعترفون بعلو القرآن ، لكنهم تمنوا لو أن القرآن قد نزل على إنسان غيره بشرط أن يكون من العظماء بمعاييرهم وموازينهم المادية . ومن يكذب الآيات ويستكبر عن اتباع الرسول لا تفتح له أبواب السماء . { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الأعراف : 40 ] . وبذلك نعرف من هم الذين لا تفتح لهم أبواب السماء ، وبطبيعة الحال نعرف أن المقابلين لهم هم الذين تفتح لهم أبواب السماء … إنهم المؤمنون ، وحين تصعد أرواحهم إلى الملأ الأعلى تجد أعمالهم الصالحة تصعد وترتفع بهم إلى أعلى . أما المكذبون فهم لا يترقون بل يهبطون ولا يدخلون الجنة ، وقد علق سبحانه دخول الجنة بمستحيل عقلاً وعادة وطبعاً : { وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } . و { سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } هو ثقب الإبرة ، أي الذي تدخل فيه فتلة الخيط ، ولا تدخل فتلة الخيط في الثقب إلا أن يكون قطر الفتلة أقل من قطر الثقب ، وأن تكون الفتلة من الصلابة بحيث تنفذ ، وأن تكون الفتلة غير مستوية الطرف لأنها إن كانت مقصوصة وأطرافها مستوية فهي لا تدخل في الثقب لذلك نجد الخياط يجعل للفتلة سناً ليدخلها في ثقب الإبرة . وحين نأتي بالجمل ونقول له : ادخل في سم الخياط ، فهل يستطيع ؟ طبعاً لا لذلك نجد الحق سبحانه قد علق دخول هؤلاء الجنة على مستحيل . بعض الناس قالوا : وما علاقة الجمل بسم الخياط ؟ نقول : إن الجمل يطلق أيضاً على الحبل الغليظ المفتول من حبال ، مثل حبال المركب إننا نجده سميكاً مجدولاً . وأخذ الشعراء هذه المسألة ونجد واحداً منهم يصف انشغاله بالحبيب وشوقه إليه وصبابته به حتى يهزل ويستبد به الضعف فيقول : @ ولو أن ما بي من جوى وصبابة على جمل لم يدخل النار كافر @@ لأن الجوى والصبابة التي يعاني منهما هذا الشاعر ، لو أصيب بهما الجمل فلسوف ينحف وينحف ويهزل ، إلى أن يدخل في سم الخياط ، وهنا يوضح ربنا : إن دخل الجمل في سم الخياط فسوف أدخلهم الجنة . { حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِي سَمِّ ٱلْخِيَاطِ وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الأعراف : 40 ] . وهم يستحقون هذا الجزاء بما أجرموا . ويقول الحق بعد ذلك : { لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ … } .