Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 39-39)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي ما دمتم ستأخذون ضعف العذاب مثلنا فقد تساوت الرءوس { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } كأن المجرم نفسه ساعة يلتقي ويستقبل مجرماً مثله ، يقول له : اشرب من العذاب نفسه ، وليس ذلك تجنياً من الله ، ولا بسلطة القهر لعباده ، ولكن بعدالة الحكم لأن ذلك إنما حدث بسبب ما كسبتم . ومعلوم أن التذوق في الطعوم ، فهل هم يأكلون العذاب ؟ . لا ، إنّ الحق قد جعل كل جارحة فيهم تذوق العذاب ، والحق حين يريد شمول العذاب للجسم يجعل لكل عضو في الجسم حساسية الذوق كالتي في اللسان . ولذلك يقول الحق سبحانه : { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } [ النحل : 112 ] . وهذه هي الإذاقة ، كأنها صارت لباساً من الجوع يشمل الجسد كله ، والإِذاقة أشد الإِدراكات تاثيراً ، واللباس أشمل للجسد . { فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ } . ولم يقل الحق : بما كنتم تكتسبون لأن اكتسابهم للسيئات لم يعد فيه افتعال ، بل صار أمراً طبيعياً بالنسبة لهم ، وعلى الرغم من أن الأمر الطبيعي في التكوين أن يصنع الإنسان الحسنة دون تكلف ولا تصنّع ، وفي السيئات يجاهد نفسه لأن ذلك يحدث على غير ما طبع عليه ، ولكن هؤلاء من فرط إدمانهم للسيئات فسدت فطرتهم ولم تعد ملكاتهم تتضارب عند فعل السيئات ، بل صاروا يرتكبون الإثم كأمر طبيعي ، وهذا هو الخطر الذي يحيق بالمسرفين على أنفسهم لأن الواحد منهم يفرح بعمل السيئات . ويقول الحق بعد ذلك : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ … } .