Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 44-44)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهكذا نرى التبكيت ، وتصور لنا الآية كيف يرى أهل الجنة أهل النار ، وهذا الترائي من ضمن النعيم ومن ضمن العذاب الأليم ، فحين يرى المؤمن بمنهج الله من عاداه وقهره وآذاه وهو في النار فهذا من تمام اللذة . والآخر حين يرى مخالفه في الجنة فهذا أيضاً من تمام العذاب . إذن لابد أن يتراءوا ، ولذلك يحدث الحوار ، وينادي أصحاب الجنة أصحاب النار معترفين بأنهم وجدوا ما وعدهم به الله حقاً وصدقاً ، وأن الحق قد وهبهم هذه الجنة . فهل - يا أهل النار - وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ ونلاحظ أن هناك خلافاً بين الأسلوبين مع أن السياق المنطقي واحد فأهل الجنة يقولون : " قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً " ، ولم يأت بالكاف في كلمة ما وعد الثانية بل قال : " فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً " ؟ إنه قال سبحانه : " ما وعد " فقط ، ولم يقل ما وعدكم كما قال : ما وعدنا لأن المراد أن يلفتهم إلى مطلق الوعد ، وليس الخاص بهم فقط ، بل وأيضاً الخاص بالمقابل ، وهكذا يتحقق الوعد المطلق لله . فأهل الجنة بإيمانهم وأعمالهم في الجنة فضلاً من الله ، وأهل النار في النار بكفرهم وعصيانهم عقاباً من الله . وهنا يجيب أهل النار : قالوا نعم . وهذا إقرار منهم بالواقع الذي عاشوه واقعاً بعد أن كان وعيداً ، وهم لم يكابروا لأن المكابرة إنما تحدث بين الخصمين في غير مشهد ، وهم في الدنيا قبل أن يوجد المشهد كانوا يكذبون البلاغ عن الله ، وصارت الدار الآخرة واقعاً ، وتحقق وجودهم في النار . { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [ الأعراف : 44 ] . أي فينادي مناد من الملائكة يُسمع أهلَ الجنَّة وأهل النار بأن الطرد من رحمة الله على الظالمين الذين ظلموا أنفسهم بعدم الإِيمان وبالتكذيب باليوم الآخر . ويقول الحق بعد ذلك : { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ … } .