Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 52-52)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي لا عذر لهم في شيء من هذا الجحود لأن الكتاب مفصل ، وقد يقولون : إن الكتاب طارئ علينا ، وكذلك الرسول الذي جاء به . إذن فما موقفهم من الآيات الكونية الثابتة ؟ لقد جحدوها أيضاً . { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } . و { فَصَّلْنَاهُ } أي أنه سبحانه لم ينزل كلاماً مجملاً أو مبهماً ، لا ، بل فيه تفصيل العليم الحكيم ، إنه فصّل أحكامه ومعانيه ومواعظه وقصصه حتى جاء قيماً غير ذي عوج ، وسبحانه هو القادر أن ينزل المنهج المناسب لقياس ومقام كل إنسان . إنه حينما يأتي إلينا من يستفتينا في أي أمر ويحاول أن يلوي في الكلام لنأتي له بفتوى تبرر له ما يفعله ، فنحن نقول له : ليس لدينا فتوى مفصلة لأن الفتاوي التي عندنا كلها جاهزة ، ولك أن تدخل بمسألتك في أي فتوى . { فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ الأعراف : 52 ] . وهناك أناس سمعوا القرآن ورأوا الآيات واهتدوا ، فلماذا اهتدى هؤلاء وضل هؤلاء ؟ لقد آمن من صدق بالوجود الأعلى كما قلنا في سورة البقرة : { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } [ البقرة : 2 ] . إذن فقد آمن بالقرآن من اهتدى إلى الحق ، ومنهم من أوضح الحق عنهم : أنهم حين يستمعون القرآن تفيض أعينهم من الدمع . وأيضاً هناك من لا يلمس الإيمان قلوبهم حين يستمعون إلى القرآن . { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً … } [ محمد : 16 ] . وهؤلاء هم الذين غلظت قلوبهم فلم يتخللها أو يدخلها ويخالطها نور القرآن ، لذلك تجد الحق يرد عليهم بقوله سبحانه : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } [ محمد : 16 ] . ويقول سبحانه : { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى … } [ فصلت : 44 ] . سبق أن ضربنا المثل بأن الفعل في بعض الحالات واحد ، لكن القابل للفعل مختلف ، لذلك تكون النتيجة مختلفة . وعلى سبيل المثال : إذا كنت في الشتاء ، وخرجت ووجدت الجو بارداً ، وشعرت أن أطراف أصابعك تكاد تتجمد من البرد ، فتضم فبضتيك معاً وتنفخ فيهما ، وقد تفعل ذلك بلا إرادة منك لتدفئ يديك . وكذلك حين يأتي لك كوب من الشاي الساخن جداً ، وتحب أن تشرب منه ، فأنت تنفخ فيه لتأتي له بالبرودة . والنفخة من فمك واحدة تأتي بحرارة ليديك ، وتأتي بالبرودة لكوب الشاي ، وهكذا فالفعل واحد لكن القابل مختلف . وكذلك القرآن فمن كان عنده استعداد للإيمان فهو يهتدي به ، ومن لا يملك الاستعداد فقلبه غلف عن الإيمان . وموقف هؤلاء العاجزين عن استقبال الرحمة موقف غير طبيعي ، وماذا ينتظرون بعد هذا الكفر ، وبعد الافتئات وبعد الاستكبار وبعد التأبي وبعد اتخاذ الدين لهواً ولعباً ، ماذا ينتظرون ؟ ها هو ذا الحق سبحانه يوضح لهم العاقبة : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ … } .