Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 65-65)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وساعة ما تسمع : { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } أي أرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً ، و " أخاهم " موقعها الإِعرابي " مفعول به " ويدلنا على ذلك قوله في الآية السابقة : { أَرْسَلْنَا نُوحاً } ، وكذلك أرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً . وكلمة " أخاهم " تُشْعرُ بأشياء كثيرة إنه من جنسهم ، ولغته لغتهم ، وأنسهم به ، ويعرفون كل شيء وكل تاريخ عنه ، وكل ذلك إشارات تعطى الأنس بالرسول فلم يأت لهم برسول أجنبي عاش بعيداً عنهم حتى لا يقولوا : لقد جاء ليصنع لنفسه سيادة علينا . بل جاء لهم بواحد منهم وأرسل إليهم " أخاهم " وهذا الكلام عن " هود " . إذن كان هود من قوم عاد ، ولكن هناك رأي يقول : إن هوداً لم يكن من قوم عاد ، ولأنَّ الأخوة نوعان : أخوَّة في الأب القريب ، أو أخوّة في الأب البعيد ، أي من جنسكم ، من آدم فهو إمّا أخ من الأب القريب ، وإمّا أخ من الأب البعيد . وقد قلنا من قبل : إن سيدنا معاوية كان يجلس ثم دخل عليه الحاجب فقال : يا أمير المؤمنين ، رجل بالباب يقول إنه أخوك ، فتساءلت ملامح معاوية وتعجب وكأنه يقول لحاجبه : ألا تعرف إخوة أمير المؤمنين ؟ وقال له : أدخله ، فأدخله . قال معاوية للرجل : أي إخوتي أنت ؟ ! قال له : أخوك من آدم . فقال معاوية : رحم مقطوعة - أي أن الناس لا تتنبه إلى هذه الأخوة - والله لأكونن أول من وصلها . { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [ الأعراف : 65 ] . ونلحظ أن الحق قال على لسان سيدنا نوح لقومه : { فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ الأعراف : 59 ] . وأرسل الحق هوداً إلى عاد ، لكن قول هود لقوم عاد يأتي : { قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } . وهنا " قال " فقط من غير الفاء وجاء في قول نوح : " فقال " . وهذه دقة في الأداء لننتبه لأن الذي يتكلم إله ورب ، فتأتي مرة بـ " فاء " وتأتي مرة بغير " فاء " رغم أن السياق واحد ، والمعنى واحد والرسول رسول ، والجماعة هم قوم الرسول . ونعلم أن " الفاء " تقتضي التعقيب ، وتفيد الإِلحاح عليهم ، وهذا توضحه سورة نوح لأن الحق يقول فيها : { قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآئِيۤ إِلاَّ فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوۤاْ أَصَابِعَهُمْ فِيۤ آذَانِهِمْ وَٱسْتَغْشَوْاْ ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ ٱسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّيۤ أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً * فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } [ نوح : 5 - 10 ] . إذن فالفاء مناسبة هنا ، لكن في مسألة قوم هود نجد أن سيدنا هوداً قال لهم مرة أو اثنتين أو ثلاث مرات ، لكن بلا استمرار وإلحاح ، وهذا يوضح لنا أن إلحاح نوح على قومه يقتضي أن يأتي في سياق الحديث عنه بـ : " فقال " وألا تأتي في الحديث عن دعوة سيدنا هود . وقد يتعجب الإِنسان لأن مدة هود مع عاد لا تساوي مدة نوح مع قومه ، وقد جاء الإِيضاح بزمن رسالة سيدنا نوح في قوله الحق : { فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً } [ العنكبوت : 14 ] . ظل سيدنا نوح قُرابة ألف سنة يدعو قومه ليلاً ونهاراً سرًّا وعلانية ، لكنهم كانوا يفرون من الإِيمان ، لذلك يأتي الحق في أمر دعوة نوح بالفاء التي تدل على المتابعة . أما قوم عاد فلم يأت لهم " بالفاء " . بل جاء بـ " قال " : { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [ الأعراف : 65 ] . وقال نوح من قبل : { يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ الأعراف : 59 ] . وفي مسألة قوم عاد قال : { يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } . ومع أن الأسلوب واحد والمعاني واحدة ، وكان ذلك يقتضي الإِنذار ، لكن لم يقل الحق ذلك لأن نوحاً عنده علم بالعذاب الذي سوف ينزل لأنها كانت أول تجربة ، لكن سيدنا هود لم يكن عنده علم بالعذاب . العملية التي حدثت لنوح مع قومه وإهلاكهم بالغرق كانت أولية بالنسبة له فالله سبق أن أعلمه بها ، وحين ذهب هود إلى قوم عاد كانت هناك سابقة أمامه ، وأخذ ربنا المكذبين لنوح بالعذاب ، لذلك ألمح سيدنا هود فقط إلى احتمال العذاب حين قال : { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } . أي أن العذاب قد ينتظركم وينالكم مثل قوم نوح . ويقول الحق بعد ذلك : { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ … } .