Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 99-99)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
و " الأمن " هو الاطمئنان إلى قضية لا تثير مخاوف ولا متاعب ، ويقال : فلان " آمن " أي لا يوجد ما يكدر حياته . والحق يقول : { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ } ونحن نسمع بعض الكلمات حين ينسبها الله لنفسه نستعظمها ، ونقول : وهل يمكر ربنا ؟ لأننا ننظر إلى المكر كعملية لا تليق … وهنا نقول : انتبه إلى أن القرآن قد قال : { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } [ فاطر : 43 ] . إذن ففيه مكر خير ، ولذلك قال الحق : { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ آل عمران : 54 ] . والمكر أصله الالتفاف . وحين نذهب إلى حديقة أو غابة نجد الشجر ملتف الأغصان وكأنه مجدول بحيث لا تستطيع أن تنسب ورقة في أعلى إلى غصن معين لأن الأغصان ملفوفة بعضها على بعض ، وكذلك نرى هذا الالتفاف في النباتات المتسلقة ونجد أغصانها مجدولة كالحبل . إذن فالمكر مؤداه أن تلف المسائل ، فلا تجعلها واضحة . ولكي تتمكن من خصمك فأنت تبيت له أمراً لا يفطن إليه ، وإذا كان الإِنسان من البشر حين يبيت لأخيه شرًّا ، ويفتنه فتناً يُعمي عليه وجه الحق وليس عند الإِنسان العلم الواسع القوي الذي يمكر به على كل من أمامه من خصوم لأنهم سيمكرون له أيضاً . وإذا كان هناك مكر وتبييت لا يكتشفه أحد فهو مكر وتبييت الله لأهل الشر ، وهذا هو مكر الخير لأن الله يحمي الوجود من الشر وأهله بإهلاكهم . { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [ الأعراف : 99 ] . وهناك من يسأل : هل أمن الأنبياء مكر الله ؟ نقول نعم . لقد آمنوا مكر الله باصطفائهم للرسالة ، وهناك من يسأل : كيف إذن لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ؟ ! نقول : لقد جاء في منهج الرسل جميعاً أن الذي يأمن مكر الله هو الخاسر لأن الله هو القادر ، وهو الذي أنزل المنهج ليختار الإِنسان به كسب الدنيا والآخرة إن عمل به ، وإن لم يعمل به يخسر طمأنينة الإِيمان في الدنيا وإن كسب فيها مالاً أو جاهاً أو علماً ، ويخسر الآخرة أيضاً . ويتابع سبحانه : { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ … } .