Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 32-32)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

و " إذ " تأتي للظرف أيضاً ، ولم يقل سبحانه وتعالى : واذكر أن قالوا ، بل قال : " إذ قالوا " . وقد بلغ بهم العجز إلى أن قالوا إن كان هذا القرآن هو الحق القادم من عندك فأمطر علينا حجارة ، أو ائتنا بعذاب أليم . أليس هذا الكلام دليلاً على غباء قائليه ؟ بالله لو كان عندهم عقل ومنطق وتفكير ، أكانوا يقولون ذلك ؟ ألم يكن من المناسب أن يقولوا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إليه ، أو فاجعلنا نقبله ؟ . وما داموا قد قالوا : " اللهم " فالمنادى هو الله . { إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ … } [ الأنفال : 32 ] . إذن هم يعلمون أن لله عز وجل عنديةً ، وفيها حق ، وهكذا نرى أنهم اعترفوا بوجود الله ، وأنَّ عند الإله حقاً . فكيف إن جاء إنسان وقال لكم : إنني رسول من عند الله ، وهذا هو المنهج ، وهو منهج ومعجزة في وقت واحد ، ألم يكن من الواجب أن تستشرف آذانكم إلى من يبلغ عن الله هذا الحق وأن تستجيبوا له ؟ . لكن ما داموا قد استمطروا على أنفسهم اللعنة والعذاب ، فهذا دليل كراهيتهم لمحمد ، ومن أجل هذه الكراهية دعوا الله أن ينزل عليهم العذاب كما فعل بالأمم السابقة - وطلبهم هذا للعذاب يدل على أنهم علموا أن من يكذب الرسل ويرفض المنهج إنما يتلقى العذاب من الله . وهكذا يتبين لنا أن ما ينقصهم لإعلان الإيمان هو عدم قبولهم لرسول الله شخصياً ، ويتمثل هذا في قول الحق تبارك وتعالى في آية أخرى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] . إذن لو أن القرآن نزل على شخص آخر لآمنوا به . وفي هذا اعتراف بأن القرآن معجزة ، ومنهج . وقوله تعالى : { وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ورد على لسان أبي جهل وهذا يدل على كثرة جهله وشدة تكذيبه وعناده وعتوه هو ومن معه من المشركين المكذبين . فعن أنس بن مالك : قال أبو جهل بن هشام : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } فنزلت : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } . وهؤلاء المعاندون قالوا أيضاً : { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً … } [ الإسراء : 92 ] . وهذا دليل على التخبط في الكلام ، وفقدان الوعي العقلي . { أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] . والحق سبحانه وتعالى قادر على أن يصيب بالعذاب قوماً بعينهم وقادر على نجاة المؤمنين ، وشاء الله سبحانه ألا ينزل العذاب لأن رؤية المتألم حتى ولو كان عدوّاً ، فيه إيلام - لذلك قال الحق سبحانه وتعالى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ … } .