Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 57-57)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي إن وجدتهم في أي حرب فشرد بهم من خلفهم . ولنا أن نلحظ أن كلمة " إما " هي إن الشرطية المدغمة في " ما " إذا ما حذفنا منها ما ، نجد أنها تصبح إن ، كأنه يقول : " إنْ مَا " ، وأدغمت نون " إن " في " ما " ، مثلها مثل أن نقول : إن جاءك زيد فأكرمه هذه جملة شرطية فيها شرط وجواب وأداة شرط ، ولكنه إذا تم مرة واحدة يكون قد انتهى . ولكن " ما " مع إن الشرطية تدلنا على أنه كلما حدث ذلك فإننا نفعل بهم ما أمر الله تعالى به ، كما نقول : كلما جاءك زيد فأكرمه لأن إما هذه تتضمن ما يفيد الاستمرارية ، مثل " كلما " فكلما جاءك تكرمه ولو جاء مائة مرة ، ولو لم تجيء " ما " لكان يكفي أن تصنعها مرة واحدة . وقوله تعالى : { تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ } ، ثقف بمعنى وجد ، أي كلما وجدتهم في الحرب : فشرد بهم من خلفهم ، أي اجعلهم أداة لتشريد من خلفهم . وعليك أن تؤدبهم أدباً يجعل الذين وراءهم يخافون منكم ، ويبتعدون عنكم ، وكلما رأوكم أصابهم الخوف والهلع ، وكما يقول المثل العامي : " اضرب الربوط يخاف السايب " . أي أن المطلوب أن نجاهدهم بقوة وبدون شفقة ، حتى لا يفكر في مساندتهم من جاءوا خلفهم لينصروهم أو يؤازروهم بالدخول معهم في القتال ، ولا تحدثهم أنفسهم في أن يستمروا في المعركة ، فشرد بهم ، والتشريد هو التشتيت والتفريق والإبعاد ولكن بقسوة . فحيثما يريدوا أن يذهبوا امنعهم وشتتهم على غير مرادهم . وقول الحق سبحانه وتعالى : { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [ الأنفال : 57 ] . أي لكي تكون هذه التجربة درساً لهم كيلا يفكروا مرةً أخرى في حربٍ معك لأنهم سوف يتذكرون ما حدث لهم فيبتعدون عن مواجهتك . ويقول الحق تبارك وتعالى بعد ذلك : { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ … } .