Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 56-56)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبعد أن تكلم الحق سبحانه وتعالى عن الكافرين الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ينتقل هنا للكلام عن الجماعة التي عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يكفوا عنه شرهم ، وألا يتعرض لهم الرسول ، وهم اليهود ، فهل ظلوا على وفائهم بالعهد ؟ لا . بل نقضوا العهد . بنو قريظة - مثلاً - عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا يعينوا عليه أحداً ، ولما جاءت موقعة بدر مدوا الكفار بالسلاح ونقضوا العهد ، ثم عادوا وأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عهداً ثانياً ، وعندما جاءت غزوة الخندق اتفقوا على أن يدخل جنود قريش من المنطقة التي يسيطرون عليها ليضربوا جيش المسلمين من الخلف في ظهره ، فأرسل الله ريحاً بددت شمل الكفار ، إذن فقول الحق سبحانه وتعالى : { ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } [ الأنفال : 56 ] . وهم قد فعلوا ذلك لأنهم تركوا منهج الله وخافوا من رسول الله فحاولوا أن يخدعوه بنقض المعاهدات . وقوله تعالى : { وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } [ الأنفال : 56 ] . إنهم لا يتقون الله - عز وجل - الذين يؤمنون به إلهاً لأنهم أهل كتاب جاءتهم التوراة ، وجاءهم رسول وهو موسى عليه السلام ، وهم ليسوا جماعة لم يأتها كتاب بل نزل عليهم كتاب سماوي هو التوراة ، ومع ذلك لا يتبعون ما في كتابهم ولا يتقون الله تعالى ، فهم أولاً ينقضون العهد ، والنقض ضد الإبرام ، والإبرام هو أن تقوي الشيء تماماً كما تبرم الخيط أي تقويه ، وعندما تقوي الخيط فأنت تجعله ملفوفاً على بعضه ليصبح متيناً . فالخيط الذي طوله شبران عندما تبرمه يصبح طوله شبراً واحداً ويصبح قوياً ، فإذا فككته أي نقضته أصبح ضعيفاً ، ولذلك يقول المولى سبحانه وتعالى : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً } [ النحل : 92 ] . ويعطينا الحق سبحانه وتعالى الحكم في هؤلاء أولئك الذين لا يؤمنون ، ولا يتقون وينقضون عهدهم فيأتي فيهم القول الحق : { فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ … } .