Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 6-6)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

و { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ } ، أي يجادلونك في مسألة الخروج لملاقاة النفير ، بعدما تبين لهم الوعد الحق من الله عز وجل وهو وعده سبحانه وتعالى بأن تكون لهم إحدى الطائفتين ، وهما طائفة العير أو النفير الضخم الذي جمعته قريش لملاقاتهم . وما دام الحق قد وعدكم إحدى الطائفتين ، فلماذا لا تأخذون الوعد في أقوى الطوائف ؟ لماذا تريدون الوعد في أضعف الطوائف ؟ ! لقد وعدكم الحق سبحانه وتعالى أن إحدى الطائفتين ستكون لكم ، فكان المنطق والعقل يؤكدان أنه ما دام قد وعدنا الله عز وجل إحدى الطائفتين ، فلنقدم إلى الأنفع للإسلام والحق الذي نحارب من أجله ، وأن نواجه الطائفة ذات القوة والشوكة والمنعة لأنه قد يكون من الصحيح أن النصر مؤكد على طائفة العير ، لكن هذا النصر سيبقى من بعد ذلك مجرد نصر يقال عنه : إنه نصر لقطاع طريق ! لا أهل قضية إيمان ودين . ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } [ الأنفال : 7 ] . فالمنطق إذن يفرض أن الله عز وجل ما دام قد وعد رسوله صلى الله عليه وسلم بإحدى الطائفتين ، طائفة في عير والأخرى في نفير ، كان المنطق يفرض إقبال المؤمنين على مواجهة الطائفة القوية لأن النصر على النفير هو أشرف من النصر على طائفة العير . { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ } [ الأنفال : 6 ] . ونلحظ أن هناك " سوق " ، وهناك " قيادة " ، والقيادة تعني أن تكون من الأمام لتدل الناس على الطريق ، و " السوق " يكون من الخلف لتحث المتقدم أن يقصر المسافة مع تقصير الزمن ، فبدلاً من أن نقطع المسافة فى ساعة - على سبيل المثال - فنقطعها في نصف ساعة . وقوله تعالى : { يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ } [ الأنفال : 6 ] . أي أنهم غير منجزين للسير . بل هم مدفوعون إليه دفعاً ، وهم ينظرون بشاعة الموت ، لأنهم تصوروا أن مواجهتهم لألف فتى من مقاتلي قريش مسألة صعبة ، فألف أمام ثلاثمائة مسألة ليست هينة لأن ذلك سيفرض على كل مسلم أن يواجه ثلاثة معهم العدة والعتاد ، فكأن الصورة التي تمثلت لهم صورة بشعة ، لكنهم حينما نظروا هذه النظرة لم يلتفتوا إلى أن معهم ربّا ينصرهم على هؤلاء جميعاً . ويقول الحق بعد ذلك : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ … } .