Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 50-50)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وما يزال الحديث عن المنافقين ، فبعد أن بيَّن الحق سبحانه وتعالى كيف حاول المنافقون الهروب من الحرب لأسباب وأعذار مختلقة ، أراد سبحانه وتعالى أن يزيد الصورة توضيحاً في إظهار الكراهية التي تخفيها قلوب المنافقين بالنسبة للمؤمنين . وهنا يقول سبحانه : { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ } والمقصود بالحسنة هنا هي : الانتصار في الحرب ، والنصر في الحرب هو من وجهة نظر المنافقين ينحصر في حصول المؤمنين على الغنائم ، وهذه مسألة تسوء المنافقين وتحزنهم لأن الهمّ الأول للمنافقين هو الدنيا ، وهم يريدون الحصول على أكبر نصيب منها . وبما أنهم لم يخرجوا للجهاد والتمسوا الأعذار غير الصحيحة للهروب من الحرب لذلك فهم يحزنون إذا انتصر المؤمنون لأنهم حينئذ لن يكون لهم حق في الغنائم . وفي هذه الحالة يقولون : يا ليتنا كنا معهم إذن لأصبْنَا الغنائم وأخذنا منها . أما إذا كانت الدائرة قد دارت على المسلمين وهُزِموا في الحرب فهذه سيئة بالنسبة لكل مؤمن ، ولكن المنافقين يعتبرون الهزيمة لأهل الإيمان حسنة ، وسيقولون لأنفسهم : لقد كنا أكثر رجاحةً في الفكر واحتطْنا للأمر ، ولم نخرج معهم ولذلك نجونا مما أصابهم . والمصيبة في الحرب تكون في : الأرواح ، والرجال والمال ، والعتاد بالإضافة إلى مرارة الهزيمة . ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى : { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ } وكأنهم قد احتاطوا قبل أن يبدأ القتال فلم يخرجوا ، وهم كمنافقين يمكن أن يفرحوا ؟ إنْ أصابت المسلمين كارثة أو مصيبة ، وهي هنا الهزيمة في الحرب . وسيقولون : { قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ } أي : قاموا بالاحتياط فلم يخرجوا للقتال ، بينما لم يحتَطْ محمد وصَحْبُه وجيشه . ثم يديرون ظهورهم ليُخْفُوا فرحتهم . وحين يقول الحق : { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ } يوضح لنا أن أي نصر للإيمان يحزن المنافقين في نفوسهم ، ويصير هذا القول قرآناً يُتلى ويُتعبد به ويسمعونه بآذانهم ، بالله لو لم تُحزنهم الحسنة التي ينالها المنافقين في نفوسهم ، ويصير هذا القول قرآناً يُتلى ويُتعبد به ويسمعونه بآذانهم ، بالله لو لم تُحزنهم الحسنة التي ينالها المؤمنون ، ألم يكن ذلك دافعاً لأن يقولوا : نحن لم نفرح ولم نحزن ؟ بالله حين يفاجئهم القرآن بالكشف عن خبايا نفوسهم بالقرآن ألم يكن ذلك داعياً لهدايتهم ؟ لقد عرف محمد صلى الله عليه وسلم الغيب الذي في قلوبهم وفضح ضمائرهم وسرائرهم بعد أن أطلعه الحق على ذلك . ومع هذا أضمروا النفاق في قلوبهم وانتظروا مَسَاءةً تَحل بمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبه . ويرد الحق سبحانه وتعالى عليهم : { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ … } .