Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 90-90)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والحديث هنا المنافقين الذين كانوا يعيشون حول المدينة وكانوا يُسمَّون " الأعراب " ، وقد تحدثت الآيات السابقة عن منافقي المدينة الذين جاء فيهم قول الحق : { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ … } [ التوبة : 101 ] . وهنا يأتي الحديث عن المنافقين الذين كانوا يسكنون في البوادي التي حول المدينة وهم الأعراب . والحق سبحانه وتعالى يقول : { ٱلْمُعَذِّرُونَ } ، وهناك " مُعْذِرون " و " معتذرون " ، والمعذِّرون هم المعتذرون فالمعتذر جمعه معتذرون بفتحة فوق التاء ، لكن إذا وُضعَتْ الفتحة فوق العين فالحرف الذي بعدها يُسكّن ، وعندما يُسكّن ما بعد العين ، فهذا يعني أن هناك افتعالاً . إذن : فالمعذّرون أو المعتذرون هم الذين يريدون أن يتخلفوا عن القتال بأعذار مفتعلة ، وهم أرادوا القعود والسكون ولم يتحركوا للقتال ، وقد فعلوا ذلك دون عذر حقيقي . ويقال : " المعذرون " ، و " المُعَذّر " ، و " أعذره " أي : أذهب عذره ، مثل : " أعجم الكتاب " أي : أذهب عُجْمته . ويقول الحق سبحانه وتعالى : { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } لقد كذبوا الرسول في الإيمان نفسه لأنهم لم يكلفوا أنفسهم حتى مجرد الاعتذار وتخلفوا ، ولو كانوا قد صدقوا في الإيمان لما تقاعسوا عن القتال ، أو لاستأذنوا رسول الله في القعود . ثم يقول الحق : { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } والكفر - كما نعلم - هو ستر الإيمان . والمنافقون من الأعراب أظهروا الإيمان وكانت قلوبهم تمتلئ بالكفر . ويقول الحق سبحانه وتعالى : { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ … } [ الحجرات : 14 ] . أي أنهم يؤدون أمور الإسلام الظاهرية بينما قلوبهم لم يدخلها الإيمان . ويعرفنا الحق سبحانه بالجزاء الذي ينتظر هؤلاء المتخلفين من الأعراب فيقول : { سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وعرفنا من قبل أن وصف العذاب في القرآن إما أن يكون أليماً ، وإما أن يكون مهيناً ، وإما أن يكون عظيماً ، وإما أن يكون مقيماً . وأراد الحق سبحانه أن يعطي رخصة للذين لا يقدرون على القتال ولهم العذر في أن يتخلفوا عنه فقال : { لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ … } .