Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 99-99)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ومن هؤلاء من يؤمن بالله ، ويؤمن باليوم الآخر ، وما ينفقه من زكاة أو صدقة فهو يتخذه قربى إلى الله الذي آمن به ، وكنزاً له في اليوم الآخر ، و " قربى " : أي : شيء يقربه إلى الله يدخره له في اليوم الآخر ، وقوله الحق : { وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ } أي : يجعل ما ينفق قربة إلى الله وكذلك طلباً لدعاء الرسول لأن الصلاة في الأصل هي الدعاء ، فساعة يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة للمسلمين الضعاف ممن يعتبرها قربة ، فهو صلى الله عليه وسلم يدعو له . وقد قال صلى الله عليه وسلم : " اللهم اغفر لآل أبي أوفى ، وبارك لهم " وقد دعا بذلك حين جاء له ما تزكى وتصدق به بنو أبي أوفى ، ودعوة الرسول مجابة إلا ما قال الله إنه سبحانه لا يجيبه لحكمة . ولقائل أن يقول ألا يعلم من يقدم الزكاة والصدقة قربى ، أنه سبحانه غير مستفيد من هذا العمل ؟ ألا يعلم أنها قربى له شخصيّاً ؟ نعم إنه يعلم ، ويعلم أن الله يثيبه على أمر ينتفع به الفقراء ، وفي هذه إشارة إلى أن كل تكليف من الله إنما يعود نفعه إلى المكلَّف لا إلى المكلِّف . وما دام العائد إلى المكلَّف فالله يدعو لصالح ذاتك وإلى خير لك . ومن اعتبرها قربى إلى الله يأت لهم القول الحق : { أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ } وقد قال ذلك للأعراب الذين أنفقوا قربى لله ، وطمعاً في دعوات الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأوضح لهم سبحانه أنها قربى لهم لأنهم المنتفعون بها ، وأنه سيدخلهم في رحمته . ورحمة الله هي نعيم مقيم ، وهي دائمة وباقية ببقاء الله الذي لا يُحَدّ ، أما الجنة فباقية وخالدة . بإبقاء الله لها . إذن : فدخولك في رحمة الله أعلى من دخولك جنته . فحين يقال : " دخل في الرحمة " فمعنى ذلك أن الرحمة ستظله إلى ما لا نهاية . وحينما يسمع أي أعرابي قول الحق : { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ } فعندما سمع الأعرابي هذه الآية جلس يحدث نفسه بالعطاءات الإلهية . فيكبح جماح خطرات السوء في نفسه ، أو بالزلات أو بالهفوات التي قد ينطق بها ، وقد يقول الأعرابي لنفسه : إني أخاف ألا يغفر الله الخطرات أو السيئات والهفوات ، فتأتي الآية مطمئنة له ما دام قد فعل السيئة بغفلة أو بسهو ، وعليه أن يعلم أن الله غفور رحيم ، ولا داعي أن يعكر على نفسه بالظن بأنه لن يدخل في رحمة الله . لذلك جاء سبحانه بالقول : { إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } لعل واحداً ممن يسمع هذا يظن أن الجزاء والقربى والدخول في رحمة الله خاصٌّ بمن لم يذنب ذنباً أبداً ، فيوضح له القول : اطمئن . إن كانت قد حصلت منك هفوة أو غفلة ، فاعلم أن الله غفور رحيم ، فلا يعكر عليك ذنبك إيمانك بأنك سوف تدخل في رحمة الله . ويقول الحق سبحانه بعد ذلك : { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ … } .