Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 107, Ayat: 2-2)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { فَذَلِكَ } : فيه وجهان ، أحدهما : أنَّ الفاءَ جوابُ ُشرطٍ مقدرٍ ، أي : إن تأمَّلْتَه ، أو إنْ طَلَبْتَ عِلْمَه فذلك . والثاني : أنَّها عاطفةٌ " فذلك " على " الذي يَكَذِّبُ " إمَّا عَطْفَ ذاتٍ على ذاتٍ ، أو صفةٍ على صفةٍ . ويكونُ جوابُ أَرَأَيْتَ " محذوفاً لدلالةِ ما بعدَه عليه . كأنه قيل : أَخْبِرْني ، وما تقولُ فيمَنْ يُكَذِّبُ بالجزاءِ وفيمَنْ يُؤْذِي اليتيمَ ولا يُطْعِمُ المسكينَ أنِعْمَ ما يصنعُ ؟ فعلىٰ الأولِ يكونُ اسمُ الإِشارةِ في محلِّ رَفْعٍ بالابتداءِ ، والخبرُ الموصولُ بعده ، وإمَّا على أنه خبرٌ لمبتدأ مضمرٍ ، أي : فهو ذاك والموصولُ نعتُه . وعلى الثاني يكونُ منصوباً لِنَسَقِه على ما هو منصوبٌ . إلاَّ أنَّ الشيخَ رَدَّ الثاني فقال : " فجعل ذلك " في موضعِ نصبٍ عطفاً على المفعولِ ، وهو تركيبٌ غريبٌ كقولِك : " أَكرَمْتُ الذي يَزورُنا فذلك الذي يُحْسِنُ إلينا " فالمتبادَرُ إلى الذهنِ أنَّ " فذلك " مرفوعٌ بالابتداء . وعلى تقديرِ النصبِ يكونُ التقديرُ : أَكرمْتُ الذي يزورُنا فأكرَمْتُ ذلك الذي يُحْسِنُ إلينا . فاسمُ الإِشارةِ في هذا التقديرِ غيرُ متمكِّنٍ تَمَكُّنَ ما هو فصيحٌ ؛ إذ لا حاجةَ أَنْ يُشارَ إلى الذي يزورُنا ؛ بل الفصيحُ : أَكرَمْتُ الذي يزورُنا ، فالذي يُحْسِن إلينا ، أو أكَرَمْتُ الذي يزورُنا فيُحْسِنُ إلينا . وأمَّا قولُه " إمَّا عَطْفُ ذاتٍ على ذاتٍ " فلا يَصِحُّ لأنَّ " فذلك " إشارةٌ إلى الذي يُكَذِّبُ فليسا بذاتَيْنِ ؛ لأنَّ المشارَ إليه بـ " ذلك " واحدٌ . وأمَّا قولُه : " ويكونُ جوابُ أرأيتَ محذوفاً " فهذا لا يُسَمَّى جواباً بل هو في موضع المفعولِ الثاني لـ " أرَأيْتَ " وأمَّا تقديرُه " أنِعْمَ ما يصنعُ " ؟ فهمزةُ الاستفهام لا نعلُم دخولَها على نِعْم ولا بئسَ ؛ لأنهما إنشاءٌ ، والاستفهامٌ لا يدخلُ إلاَّ على الخبر " انتهى . والجوابُ عن قولِه : " فاسمُ الإِشارةِ غيرُ ممتكِّنٍ " إلى آخره : أنَّ الفرقَ بينهما أنَّ في الآيةِ الكريمةِ استفهاماً وهو " أرأيْتَ " فحَسُنَ أَنْ يُفَسِّرَ ذلك المُسْتَفْهَمَ عنه ، بخلافِ المثالِ الذي مَثَّل به ، فمِنْ ثَمَّ حَسُنَ التركيبُ المذكورُ وعن قولِه : " لأنَّ " فذلك " إشارةٌ إلى " الذي يُكَذِّب " بالمنعِ " بل مُشارٌ به إلى ما بعدَه كقولِك : " اضْرِبْ زيداً ، فذلك القائمُ " إشارةٌ إلى القائمِ لا إلى زيد ، وإنْ كان يجوزُ أَنْ يكونَ إشارةً إليه . وعن قولِه " فلا يُسَمَّىٰ جواباً " أنَّ النحاةَ يقولون : جوابُ الاستفهام ، وهذا قد تَقَدَّمه استفهامٌ فَحَسُنَ ذلك . وعن قولِه : " والاستفهامُ لا يَدْخُلُ إلاَّ على الخبر " ؛ بالمعارضةِ بقولِه تعالىٰ : { فَهَلْ عَسَيْتُمْ } [ محمد : 22 ] فإنَّ " عَسَىٰ " إنشاءٌ ، فما كان جواباً له فهو جوابٌ لنا . وقرأ العامَّةُ بضمِّ الدال وتشديد العينِ مِنْ دَعَّه ، أي : دَفَعه وأمير المؤمنين والحسن وأبو رجاء " يَدَعُ " بفتحِ الدالِ وتخفيفِ العين ، أي : يَتْرُكُ ويُهْمِلُ وزيدُ بن علي " ولا يُحاضُّ " مِن المَحَاضَّةُ وتقدَّم في الفجر .