Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 29-29)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ } : فيه أوجه : أن يكونَ بدلاً من " القلوبُ " على حَذْفِ مضاف ، أي : قلوب الذين آمنوا ، وأن يكونَ بدلاً مِن " مَنْ أناب " ، وهذا على قولِ مَنْ لم يجعلِ الموصولَ الأول بدلاً مِن " مَنْ أناب " ، وإلا كان يَتَوالَى بدلان . وأن يكونَ مبتدأً ، و " طُوْبَى لهم " جملةٌ خبرية ، وأن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمر . وأن يكونَ منصوباً بإضمارِ فعلٍ . والجملةُ مِنْ " طُوبَى لهم " على هذين الوجهين حالٌ مقدَّرة ، العاملُ فيها " آمَنُوا وعَمِلوا " . وواوُ " طُوبَى " منقلبةٌ عن ياءٍ لأنها من الطِّيب ، وإنما قُلِبَتْ لأجلِ الضمة قبلها كمُوسِر ومُوْقِن من اليُسْر واليقين . واختلفوا فيها : فقيل : هي اسمٌ مفردٌ مصدر كبُشْرى ورُجْعى ، مِنْ طاب يطيب . وقيل : بل هي جمعُ " طَيِّبة " كما قالوا : كُوْسَى في جمع كَيِّسَة ، وضُوْقَى في جمع ضَيِّقة . ويجوز أن يقال : " طِيْبى " بكسر الفاء وكذلك الكِيْسَى والضِيقَى . وهل هي اسمٌ لشجرةٍ بعينِها أو اسمٌ للجنة بلغةِ الهند أو الحبشة ؟ خلافٌ مشهور . وجاز الابتداءُ بـ " طُوبَى " : إمَّا لأنها عَلَمٌ لشيءٍ بعينه ، وإمَّا لأنها نكرةٌ في معنى الدعاء كسَلام عليك ووَيْل له ، كذا قال سيبويه . وقال ابن مالك : " إنه يُلزم رَفْعُها بالابتداء ، ولا تدخُلُ عليها نواسِخُه " . وهذا يَرُدُّ عليه : أنَّ بعضَهم جعلها في الآيةِ منصوبةً بإضمارِ فِعْلٍ ، أي : وجَعَلَ لهم طُوْبَى ، وقد يَتَأَيَّد ذلك بقراءةِ عيسى الثقفي " وحُسْنَ مآب " بنصب النون . قال : " إنه معطوفٌ على " طُوْبَى " ، وإنها في موضع نَصْبٍ " . قال ثعلب : " وطُوْبَى على هذا مصدرٌ كما قالوا : سُقْياً " . وخَرَّج هذه القراءةَ صاحبُ " اللوامح " على النداء كـ { يَٰأَسَفَىٰ } [ يوسف : 84 ] على الفَوْت ، يعني أنَّ " طُوْبَى " تضاف للضمير ، واللام / مقحمةٌ ، كقوله : @ 2845 - … يا بُؤْسَ للجهلِ ضَرَّاراً لأقوامِ @@ و [ قوله ] : @ 2855 - يا بُوسَ للحَرْبِ التي وَضَعَتْ أراهِطَ فاستراحوا @@ ولذلك سقط التنوينُ مِنْ " بؤس " كأنه قيل : يا طِيْباهم ، أي : ما أَطيبَهم وأحسنَ مآبَهم . قال الزمخشري : " ومعنى طُوْبَى لك : أَصَبْتَ خيراً وطِيباً ، ومحلُّها النصبُ أو الرفع كقولك : طِيباً لك وطِيبٌ لك ، وسلاماً لك ، وسلامٌ لك ، والقراءةُ في قوله : " وحُسن مآب " بالنصب والرفع تدلُّك على مَحَلَّيْها ، واللامُ في " لهم " للبيان ، مثلها في " سَقْياً لك " . فهذا يدلُّ على أنها تتصرَّفُ ولا تلزم الرفعَ بالابتداء . وقرأ مَكْوَزَةُ الأعرابي " طِيْبَى " بكسرِ الطاء لِتَسْلَمَ الياءُ نحو : بِيْض ومَعِيْشة . وقُرِئ " وحُسْنَ مآبٌ " بفتح النون ورفع " مآب " على أنه فعلٌ ماضٍ ، أصلُه " حَسُن " فَنُقِلَت ضمةُ العينِ إلى الفاءِ قَصْداً للمدح ، كقولهم : @ 2856 - … … حُسْنَ ذا أَدَبا @@ و " مَآبٌُ " فاعلُه .