Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 33-33)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ } : " مَنْ " موصولةٌ ، صلتُها " هو قائم " والموصولُ مرفوعٌ بالابتداء ، وخبرُه محذوفٌ تقديرُه : كمَنْ ليس كذلك مِنْ شركائِهم التي لا تَضُرُّ ولا تنفع . ودلَّ على هذا المحذوفِ قولُه { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ } ونحوُه قولُه تعالى : { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } [ الزمر : 22 ] تقديره : كَمَنْ قَسا قلبُه ، يَدُلُّ عليه { فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ } وإنما حَسَّن حَذْفَه كونُ الخبرِ مقابلاً للمبتدأ . وقد جاء منفياً كقولِه { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } [ النحل : 17 ] { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } [ الرعد : 19 ] . قوله : { وَجَعَلُواْ } يجوز أن يكونَ استئنافاً وهو الظاهرُ ، جيءَ به للدلالةِ على الخبرِ المحذوفِ كما تقدم تقريرُه . وقال الزمخشري : " ويجوز أَن يُقَدَّر ما يقع خبراً للمبتدأ ، ويُعْطَفَ عليه و " جعلُوا " ، وتمثيلُه : أفَمَنْ هو بهذه الصفةِ لم يوحِّدوه ، / وجعلوا له وهو اللهُ الذي يستحقُّ العبادةَ وحدَه شركاءَ . قال الشيخ : " وفي هذا التوجيهِ إقامةُ الظاهر مُقامَ المضمر في قوله " وجعلوا لله : أي له " ، وفيه حَذْفُ الخبرِ عن المقابل ، وأكثرُ ما جاء هذا الخبرُ مقابلاً " . وقيل : الواو للحال والتقدير : اَفَمَنْ هو قائمٌ على نفسٍ موجودٌ ، والحالُ أنهم جعلوا له شركاءَ ، فَأُقيم الظاهرُ - وهو الله - مُقامَ المضمرِ ، تقريراً للإِلهية وتصريحاً بها . وقال ابن عطيَّة : " ويظهر أن القولَ مرتبطٌ بقوله : { وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ } كأن التقديرَ : أَفَمَنْ له القدرةُ والوحدانيةُ ، ويُجْعَلُ له شريكٌ ، أَهْلٌ أن ينتقمَ ويعاقِبَ أم لا " . وقيل : " وجعلوا " عطفٌ على " استُهزِئ " بمعنى : ولقدِ استهزَؤُوا وجعلوا . وقال أبو البقاء : " وهو معطوفٌ على " كَسَبَت " ، أي : وبجَعْلِهم لله شركاءَ " . قوله : { أَمْ تُنَبِّئُونَهُ } أم هذه منقطعةٌ مقدَّرةٌ بـ " بل " والهمزةِ ، والاستفهامُ للتوبيخ : بل أتُنَبِّئونه شركاء لا يعلمهم في الأرض ، ونحوُه : { قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [ يونس : 18 ] ، فجعل الفاعلَ ضميراً عائداً على الله ، والعائدُ على " ما " محذوفٌ ، تقديرُه : بما لا يعلمُهُ اللهُ ، وقد تقدَّم في تلك الآيةِ أنَّ الفاعلَ ضميرٌ يعودُ على " ما " وهو جائزٌ هنا أيضاً . قوله : { أَم بِظَاهِرٍ } الظاهرُ أنها منقطعة . و " الظاهر " هنا قيل : الباطلُ . وأنشدوا : @ 2862 - أَعَيَّرْتَنا ألبانَها ولحومَها وذلك عارٌ يا بنَ رَيْطَةَ ظاهِرُ @@ أي باطِلٌ ، وفَسَّره مجاهدٌ " بكذبٍ " وهو موافقٌ لهذا . وقيل : " أم " متصلةٌ ، أي : اتنبئونه بظاهرٍ لا حقيقةَ له . قوله : { وَصُدُّواْ } قرأ الكوفيون " وصُدُّوا " مبنياً للمفعول ، وفي غافر { وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } [ الآية : 37 ] كذلك . وباقي السبعة مبنيِّين للفاعل . و " صَدَّ " جاء لازماً ومتعدياً فقراءةُ الكوفةِ من المتعدِّي فقط ، وقراءةُ الباقين تتحمل أن يكونَ من المتعدِّي ومفعولُه محذوفٌ ، أي : وصَدُّوا غيرَهم أو أنفسَهم ، وأن يكونَ مِنَ اللازم ، أي : أَعْرَضوا وتَوَلَّوا . وقرأ ابنُ وثاب " وصِدُّوا " و { وصِدَّ عن السبيل } بكسرِ الصاد ، وهو مبنيٌّ للمفعول ، اجراه مُجْرى قِيْل وبِيْع ، فهو كقراءة { رِدَّت إلينا } ، [ وقوله : ] @ 2863 - وما حِلَّ مِنْ جهلٍ حُبا حُلَمائِنا … @@ وقد تقدم .