Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 64-64)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَهُدًى وَرَحْمَةً } : فيه وجهان : أحدُهما : أنهما انتصبا على أنهما مفعولان مِنْ أجلهما ، والناصبُ " أَنْزَلْنَا " ، ولَمَّا اتَّحد الفاعلُ في العِلَّة والمعلول وَصَل الفعلُ إليهما بنفسه ، ولَمَّا لم يتحَّدْ في قولِه : " وما أنْزَلْنا إلاَّ لِتُبَيِّن " ؛ لأنَّ فاعلَ الإِنزالِ ، اللهُ وفاعلَ التبيينِ الرسولُ / وَصَلَ الفعلُ إلى العلةِ بالحرفِ فقيل : { إِلاَّ لِتُبَيِّنَ } ، أي : لأَنْ تُبَيِّنَ ، على أنَّ هذه اللامَ لا تَلْزَمُ من جهةٍ أخرى : وهي كونُ مجرورِها " أن " . وفيه خلافٌ في خصوصيةِ هذه المسألةِ . وهذا معنى قولِ الزمخشري فإنه قال : " معطوفان على محلِّ " لِتُبَيِّنَ " إلا أنهما انتصبا على أنهما مفعولٌ لهما ، لأنَّهما فِعْلُ الذي أَنْزَلَ الكتابَ ، ودخلت اللامُ على " لتبيِّنَ " لأنه فِعْلُ المخاطبِ لا فِعْلُ المُنَزِّلِ ، وإنما ينتصبُ مفعولاً له ما كان فعلَ الفاعلِ الفعل المعلل " . قال الشيخ : " قوله : معطوفان على محل " لتبيِّنَ " ليس بصحيح ؛ لأنَّ مَحَلَّه ليس نصباً فيُعطفَ منصوبٌ [ عليه ] ، ألا ترى أنه لو نصبه لم يَجُزْ لاختلافِ الفاعل " . قلت : الزمخشريُّ لم يجعلِ النصبَ لأجل العطفِ على المحلِّ ، إنما جَعَله بوصولِ الفعلِ إليهما لاتحادِ الفاعلِ كما صَرَّح به فيما حكيْتُه عنه آنفاً ، وإنما جَعَلَ العطفَ لأجل التشريكِ في العِلِّيَّةِ لا غير ، يعني أنهما علتان ، كما أنَّ " لتبيِّنَ " علةٌ . ولَئِنْ سَلَّمْنا أنه نُصِب عطفاً على المحلِّ فلا يَضُرُّ ذلك . قوله : " لأنَّ محلَّه ليس نصباً " ممنوعٌ ، وهذا ما لا خلافَ فيه : مِنْ أنَّ محلَّ الجارِّ والمجرورِ النصبُ لأنه فَضْلَةٌ ، إلا أنْ يقومَ مقامَ مرفوعٍ ، ألا ترى إلى تخريجِهم قولَه { وَأَرْجُلَكُمْ } [ المائدة : 6 ] في قراءة النصبِ على العطف على محلِّ " برؤوسكم " ، ويُجيزون " مَرَرْتُ بزيدٍِ وعمراً " على خلافٍ في ذلك ، بالنسبة إلى القياسِ وعدمِه لا في أصلِ المسألة . وهذا بحثٌ حسنٌ تركه المَرْدُودُ عليه .