Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 80-80)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { سَكَناً } : يجوز أن يكونَ مفعولاً اولَ ، على أنَّ الجَعْلَ تصييرٌ ، والمفعولُ الثاني أحدُ الجارَّيْنِ قبله . ويجوز أن يكونَ الجَعْلُ بمعنى الخَلْقِ فيتعدَّى لواحدٍ . وإنما وَحَّد السَّكن لأنه بمعنى ما تَسْكُنُون فيه ، قاله أبو البقاء : وقد يُقال : إنه في الأصل مصدرٌ ، وإليه ذهب ابن عطية فتوحيدُه واضحٌ . إلا أنَّ الشيخ منه كونَه مصدراً ، ولم يذكر وَجْهَ المنعِ ، وكأنه اعتمد على قولِ أهل اللغة أن " السَّكَن " فَعَل بمعنى مَفْعُول كالقَبْضِ والنَّقَض بمعنى المقبوض والمنقوض ، وأنشد الفراء : @ 3008 - جاء الشتاءُ ولَمَّا أتخِذْ سَكَناً يا ويحَ نفسي مِنْ حَفْرِ القراميصِ @@ قوله : { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } قرأ نافعٌ وابن كثير وأبو عمرو بفتح العين ؛ والباقون بإسكانها ، وهما لغتان بمعنىً كالنَّهْر والنَّهَر . وزعم بعضُهم أن الأصلَ الفتحُ ، والسكونُ تخفيفٌ لأجلِ حرفِ الحلق كالشَّعْر في الشعَر . قوله : { أَثَاثاً } فيه وجهان ، أحدهما : أنه منصوبٌ عطفاً على " بُيوتاً " ، أي " وَجَعَلَ لكم من أصوافِها أثاثاً ، وعلى هذا فيكونُ قد عطف مجروراً على مجرور ومنصوباً على منصوبٍ ، ولا فَصْلَ هنا بين حرفِ العطفِ والمعطوف حينئذٍ . وقال أبو البقاء : " وقد فُصِلَ بينه وبين حرفِ العطفِ بالجارِّ والمجرور وهو قولُه { وَمِنْ أَصْوَافِهَا } ، وهو ليس بفصلٍ مستقبَحٍ كما زعم في " الإِيضاح " ؛ لأنَّ الجارَّ والمجرورَ مفعول ، وتقديمُ / مفعولٍ على مفعولٍ قياسٌ " . وفيه نظرٌ ؛ لِما عَرَفْتَ من أنه عَطْفُ مجرورٍ على مثلِه ومنصوبٍ على مثله . والثاني : أنه منصوبٌ على الحالِ ، ويكون قد عَطَفَ مجروراً على مثلِه ، تقديرُه : وجَعَل لكم مِنْ جلودِ الأنعام ومِنْ أصوافِها وأوبارِها وأشعارِها بيوتاً حالَ كونِها أثاثاً ، فَفَصَل بالمفعول بين المتعاطفين . وليس المعنى على هذا ، إنما هو على الأول . وقوله : { كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } [ النحل : 77 ] : اللَّمْحُ مصدرُ لَمَحَ يَلْمَح لَمْحاً ولَمَحاناً ، أي : أَبْصَرَ بسرعة . وقيل : أصلُه من لَمْحِ البرق ، وقولهم " لأُرِيَنَّك لَمْحاً باصراً " ، أي : أمراً واضحاً . وقوله : { فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ } [ النحل : 79 ] : الجَوُّ : الهواء ، وهو ما بين السماءِ والأرض . قال : @ 3009 - فلستَ لإِنْسيٍّ ولكن لِمَلأَكٍ تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السماء يَصُوبُ @@ وقيل : الجَوُّ ما يلي الأرضَ في سَمْتِ العُلُوِّ ، واللُّوح والسُّكاك أبعدُ منه . وقوله : " ظَعْنِكم " مصدرُ ظَعَن ، أي : ارْتَحَلَ ، والظَّعِيْنَةُ الهَوْدَجُ فيه المرأةُ ، وإلا فهو مَحْمَلٌ ، ثم كَثُر حتى قيل للمرأة ، ظَعينة . وقال أهل اللغة : الأصوافُ للضَّأْن ، والأَوْبار للإِبِل ، والشَّعْر للمَعِز . والأَثاث : مَتاعُ البيت إذا كان كثيراً . وأصلُه مِنْ أثَّ الشعرُ والنَّباتُ إذا كَثُفا وتكاثرا . قال امرؤ القيس : @ 3010 - وفَرْعٍ يُغْشَي المَتْنَ أسودَ فاحمٍ أثيثٍِ كقِنْوِ النخلةِ المُتَعَثْكِلِ @@ ونساء أَثائِثُ ، أي : كثيراتُ اللحمِ ، كأنَّ عليهن أَثاثاً ، وتَأَثَّث فلانٌ : كَثُر أثاثُه . وقال الزمخشري : " الأثاث ما جَدَّ مِنْ فَرْشِ البيت ، والخُرْثِيُّ : ما قَدُم منها " ، وأنشد : @ 3011 - تقادَم العهدُ مِنْ أُمِّ الوليد بنا دَهْراً وصار أثاثُ البيتِ خُرْثِيَّا @@ وهل له واحدٌ من لفظه ؟ فقال الفراء : لا . وقال أبو زيد : " واحدة : أَثاثَةٌ ، وجمعُه في القلَّة " أثِثَّة ، كبَتات وأَبِتَّة " . قال الشيخ : " وفي الكثير على " أَثَثٍ " . وفيه نظر ؛ لأنَّ فَعالاً المُضَعَّف يلزمُ جَمْعُه على أَفْعِلَة في القلة والكثرة ، ولا يُجْمع على فُعُل إلا في لفظتين شَذَّتا ، وهما : عُنُن وحُجُج جمع عِنان وحِجاج ، وقد نصَّ النحاة على مَنْع القياس عليهما ، فلا يجوز : زِمام وزُمُم بل أَزِمَّة . وقال الخليل : " الأَثَاثُ والمَتاع واحدٌ ، وجُمِع بينهما لاختلافِ لَفْظَيْهما كقوله : @ 3012 - … وأَلْفَى قولَها كَذِباً ومَيْنا @@ [ وقوله ] :