Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 64-64)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱسْتَفْزِزْ } : جملةٌ أمريةٌ عُطِفَتْ على مِثلِها من قولِه " اذهَبْ " . و { مَنِ ٱسْتَطَعْتَ } يجوز فيه وجهان ، أحدُهما : أنها موصولةُ في محلِّ نصب مفعولاً للاستفزاز ، أي : استفزِزْ الذي استطعْتَ استفزازَه منهم . والثاني : أنها استفهاميةٌ منصوبةُ المحلِّ بـ " استطعْتَ " قاله أبو البقاء ، وليس بظاهرٍ لأنَّ " اسْتَفْزِزْ " يطلبه مفعولاً به ، فلا يُطقع عنه ، ولو جَعَلْناه استفهاماً لكان مُعَلَّقاً له ، وليس هو بفعلٍ قلبي / فيعلَّق . والاسْتِفْزاز : الاستخفاف ، واستفزَّني فلانٌ : استخفَّني حتى خَدَعني لمِا يريده . قال : @ 3079 - يُطيع سَفيهَ القوم إذ يستفزُّه ويَعْصي حليماً شَيَّبَتْه الهزاهِزُ @@ ومنه سُمِّي ولدُ البقرة " فزَّاً " . قال الشاعر : @ 3080 - كما استغاثَ بسَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ خافَ العيونَ ولم يُنْظَرْ به الحَشَكُ @@ وأصلُ الفَزِّ : القَطْعُ ، يقال : تَفَزَّز الثوبُ ، أي : تقطَّع . قوله : " وأَجْلِبْ " ، أي : اجْمَعْ عليهم الجموعَ مِنْ جُنْدِك يقال : أَجْلَبَ عليه وجَلَبَ ، أي : جَمَعَ عليه الجموعَ . وقيل : أَجْلَبَ عليه : توعَّده بشرٍّ . وقيل : أَجْلَبَ عليه : أعان ، وأجلب ، أي : صاح صِياحاً شديداً ، ومنه الجَلَبَة ، أي : الصِّياح . قوله : " وَرَجِلِك " قرأ حفصٌ بكسرِ الجيمِ ، والباقون بسكونها ، فقراءة حفصٍ " رَجِل " فيها بمعنى رَجُل بالضم بمعنى راجل يُقال : رَجِلَ يَرْجَلُ إذا صار راجِلاً ، فيكون مثل : حَذِر وحَذُر ، ونَدِس ونَدُس ، وهو مفردٌ أريد به الجمعُ . وقال ابن عطية : هي صفةٌ يقال : فلان يمشي رَجِلاً إذا كان غيرَ راكبٍ ، ومنه قولُ الشاعر : @ 3081 - … … رَجِلاً إلا بأصحابي @@ قلت : يشير إلى البيتِ المشهور وهو : @ فما أُقاتلُ عن ديني على فَرَسي إلا كذا رَجِلاً إلا بأصحابي @@ أراد : فارساً ولا راجلاً . وقال الزمخشريُّ : " على أن فَعِلاً بمعنى فاعِل نحو : تَعِب وتاعب ، ومعناه : وجَمْعك الرَّجِلُ ، وتُضَمُّ جيمُه أيضاً فيكون مثلَ : حَذُر وحَذِر ، ونَدُس ونَدِس ، وأخواتٍ لهما " . وأما قراءةُ الباقين فتحتملُ أَنْ تكون تخفيفاً مِنْ " رَجِل " بكسر الجيم أو ضمِّها ، والمشهورُ : أنه اسمُ جمع لراجِل كرَكْب وصَحْب في راكِب وصاحِب . والأخفش يجعل هذا النحوَ جمعاً صريحاً . وقرأ عكرمةُ " ورِجالك " جمع رَجِل بمعنى راجِل ، أو جمع راجِل كقائم وقيام . وقُرِئ " ورُجَّالك " بضمِّ الراء وتشديد الجيم ، وهو جمع راجِل كضارِب وضُرَّاب . والباء في " بخَيْلِك " يجوز أن تكونَ الحالية ، أي : مصاحَباً بخيلك ، وأن تكون مزيدةً كقوله : @ 3082 - … … لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَر @@ وقد تقدَّم في البقرة . قوله : { وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ } من بابِ الالتفاتِ وإقامةِ الظاهر مُقامَ المضمرِ ؛ إذ لو جَرَى على سَنَنِ الكلامِ الأول لقال : وما تَعِدُهم ، بالتاء من فوق . قوله : { إِلاَّ غُرُوراً } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنه نعتُ مصدرٍ محذوفٍ وهو نفسُه مصدرٌ ، الأصل : إلا وَعْداً غروراً ، فيجيء فيه ما في " رجلٌ عَدْلٌ " ، أي : إلا وَعْداً ذا غرور ، أو على المبالغة أو على : وعداً غارَّاً ، ونسب الغرورَ إليه مجازاً . الثاني : أنه مفعولٌ مِنْ أجلِه ، أي : ما يَعِدُهم ممَّا يَعِدُهم من الأماني الكاذبة إلا لأجل الغُرور . الثالث : أنه مفعولٌ به على الاتِّساع ، أي : ما يَعِدُهم إلا الغرورَ نفسَه .