Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 29-29)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقُلِ ٱلْحَقُّ } : يجوز فيه ثلاثة أوجه ، أحدُها : أنه خبرٌ لمبتدأ مضمرٍ ، أي : هذا ، أي : القرآن ، أو ما سمعتم الحقُّ . الثاني " أنه فاعلٌ بفعلٍ مقدرٍ دَلَّ عليه السياقُ ، أي : جاء الحقُّ ، كما صَرَّح به في موضعٍ آخرَ ، إلاَّ أنَّ الفعلَ لا يُضمر إلا في مواضعَ تقدَّم التنبيهُ عليها ، منها : أَنْ يُجَابَ به استفهامٌ ، أو يُرَدَّ به نفيٌ ، أو يقعَ فعل مبنيّ للمفعول ، لا يَصْلُح إسنادُه لما بعده كقراءة { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ } كما سيأتي إنْ شاء الله تحقيقُه في موضعِه . الثالث : أنه مبتدأٌ وخبرُه الجارُّ بعده . وقرأ أبو السَّمَّال قعنب : " وقُلُ الحقَّ " بضمِّ اللامِ حيث وقع ، كأنه إتباعٌ لحركةِ القاف . وقرأ أيضاً بنصب " الحقَّ " . قال صاحب " اللوامح " : " هو على صفةِ المصدرِ المقدَّر ؛ لأن الفعلَ يَدُلُّ على مصدره وإن لم يُذْكَرْ ، فتنصِبُه معرفةً كما تنصِبُه نكرةً ، وتقديرُه : وقل القولَ الحقَّ وتُعَلَّقُ " مِنْ " بمضمرٍ على ذلك . أي : جاء مِنْ ربكم " انتهى . وقرأ الحسن والثقفي بكسرِ لامَيْ الأمرِ في قوله : " فَلْيُؤْمِنْ " ، و " فَلْيَكْفُرْ " وهو الأصل . قوله : { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن } يجوز في " مَنْ " أن تكونَ شرطيةً ، وهو الظاهرُ ، وأَنْ تكونَ موصولةً ، والفاءُ لشَبَهِه بالشرط . وفاعلُ " شاء " الظاهرُ أنه ضميرٌ يعود على " مَنْ " . وقيل : ضميرٌ يعودُ على الله ، وبه فَسَّر ابنُ عباس ، والجمهورُ على خلافِه . قوله : { أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } في محلِّ نصبٍ صفةً لـ " ناراً " . والسَّرادِقُ : قيل : ما أحاط بشيءٍ كالمَضْرِب والخِباء . وقيل للحائط المشتمل على شيء : سُرادِق . قاله الهَرَوِيُّ . وقيل : هو الحُجْرَةُ تكونُ حول الفُسْطاط . وقيل : هو ما يُمَدُّ على صحنِ الدار . وقيل : كلُّ بيتٍ من كُرْسُفِ فهو سُرادِق ، قال رؤبة : @ 3146 - يا حَكَمُ بنَ المنذرِ بن الجارُوْدْ سُرادِقُ المجدِ عليك مَمْدودْ @@ ويُقال : بيت مُسَرْدَق . قال الشاعر : @ 3147 - هو المُدْخِلُ النُّعْمانَ بيتاً سماؤُه صدورُ الفُيولِ بعد بيتٍ مُسَرْدَقِ @@ وكان أبرويز ملكُ الفرس قد قتل النعمان بن المنذر تحت أَرْجُلِ الفِيلة . والفُيول : جمع فِيل . وقيل : السُّرادق : الدِّهليز . قال الفرزدق : @ 3148 - تَمَنَّيْتَهم حتى إذا ما لَقِيْتَهُمْ تركْتَ لهم قبلَ الضِّراب السُّرادقا @@ والسُّرادق : فارسيٌّ معرَّبٌ أصله : سرادَة ، قاله الجواليقي ، وقال الراغب : " فارسيٌّ معرَّبٌ ، وليس في كلامهم اسمٌ مفردٌ ، ثالثُ حروفِه ألفٌ بعدها حرفان " . قوله : { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ } ، أي : يَطْلُبوا العَوْنَ . والياءُ عن واوٍ ، إذ الأصل : يستَغْوِثوا ، فقُلبت الواو ياءً لتصريفٍ ذُكِر في الفاتحة عند قوله : { نَسْتَعِينُ } [ الفاتحة : 5 ] ، وهذا الكلامُ من المشاكلةِ والتجانُسِ ، وإلا فأيُّ إغاثةٍ لهم في ذلك ؟ أو من باب التهكُّم كقولِه : @ 3149 - … … فَأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ @@ [ وكقولِه ] : @ 3150 - … تَحِيَّةُ بينِهم ضَرْبٌ وَجيعُ @@ وهو كثير . و " كالمُهْلِ " صفةٌ لـ " ماء " . والمُهْلُ : دُرْدِيُّ الزيت ، وقيل : ما أُذِيْب من الجواهر كالنُّحاس والرصاص . والمَهَل بفتحتين : التُّؤَدَة والوَقار . قال : { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ } [ الطارق : 17 ] . قوله : { يَشْوِي ٱلْوجُوهَ } يجوزُ أَنْ تكونَ الجملةُ صفةً ثانيةً ، أن تكونَ حالاً مِنْ " ماء " لأنه تخصَّصَ بالوصف ، ويجوز أَنْ تكونَ حالاً من الجارِّ وهو الكاف . والشَّيُّ : الإِنضاجُ بالنارِ من غيرِ مَرَقَةٍ تكون مع ذلك الشيءِ المَشْوِيَّ . قوله : { بِئْسَ ٱلشَّرَابُ } المخصوصُ محذوفٌ تقديره : هو ، أي : ذلك الماءُ المستغاثُ به . قوله : { وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } " ساءَتْ " هنا متصرفةٌ على بابها . وفاعلُها ضميرُ النار . ومُرْتَفَقَا تمييز منقولٌ من الفاعلية ، أي : ساء وقَبُحَ مُرْتَفَقُها . والمُرْتَفَقُ : المُتَّكأ . وقيل : المنزل ، وقيل : هو مصدرٌ بمعنى الارتفاق ، وهو من بابِ المقابلة أيضاً كقوله في وصفِ الجنة بعدُ : { وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً } [ الكهف : 31 ] ، وإلاَّ فأيُّ ارتفاقٍ في النار ؟ قال الزمخشري : إلا أَنْ يكون من قوله : @ 3151 - إني أَرِقْتُ فَبِتُّ الليلَ مُرْتَفِقا كأنَّ عَيْنِيَ فيها الصابُ مَذْبوحُ @@ يعني من باب التهكُّم .