Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 31-31)
Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مِنْ أَسَاوِرَ } : في " مِنْ " هذه أربعةُ أوجه ، أحدُها : أنَّها للابتداءِ . والثاني : أنها للتعيض . والثالث : أنها لبيان الجنسِ ، لأي : شيئاً مِنْ أساور . والرابع : أنها زائدةٌ عند الأخفش ، ويَدُلُّ عليه قولُه : { وَحُلُّوۤاْ أَسَاوِرَ } [ الإِنسان : 21 ] . ذكر هذه الثلاثةَ الأخيرةَ أبو البقاء . وأساوِر جمع أَسْوِرة ، وأَسْوِرة جمعُ سِوار ، كحِمار وأَحْمِرة ، فهو جمعُ الجمع . جمع إسْوار . وأنشد : @ 3153 - واللهِ لولا صِبْيَةٌ صِغارُ كأنَّما وجوهُهمْ أَقْمارُ - أخافُ أَنْ يُصِيبهم إقتارُ أو لاطِمٌ ليسَ له إسْوارُ - لمَّا رآني مَلِكٌ جَبَّارُ ببابِه ما طَلَعَ النَّهارُ @@ وقال أبو عبيدة : " هو جمعُ " إسوار " على حذف الزيادة ، وأصله أساوِيرْ . وقرأ أبان بن عاصم " أَسْوِرة " جمعَ سِوار وستأتي إنْ شاء الله تعالى في الزخرف هاتان القراءتان في المتواتر ، وهناك أذكُر إن شاء الله تعالى الفرقَ . والسَّوارُ يُجمع في القِلَّة على " أَسْوِرة " وفي الكثرة على " سُور " بسكون الواو ، وأصلُها كقُذُل وحُمُر ، وإنما سُكِّنَتْ لأجلِ حرفِ العلة . وقد يُضَمُّ في الضرورة ، وقال : @ 3154 - عن مُبْرِقاتٍ بالبُرِيْنَ وتَبْـ ـدُو في الأكفِّ اللامعاتِ سُوُرْ @@ وقال أهل اللغة : السَّوار ما جُعِلَ في الذِّراعِ مِنْ ذهبٍ أو فضة أو نُحاس ، فإن كان مِنْ عاج فهو قُلْبٌ . قوله : { مِن ذَهَبٍ } يجوز أن تكونَ للبيان ، وأَنْ تكونَ للتبعيض . ويجوز أَنْ تتعلَّقَ بمحذوفٍ صفةً لأساوِر فموضعُه جر ، وأن تتعلَّقَ بنفس " يُحَلُّوْنَ " فموضعها نصب . قوله : { وَيَلْبَسُونَ } عطفٌ على " يُحَلَّوْن " . وبُني الفعل في التحلية للمفعول إيذاناً بكرامتِهم ، وأنَّ غيرَهم يَفعل لهم ذلك ويُزَيِّنُهم به ، كقولِ امرئِ القيس . @ 3155 - غرائرُ في كِنٍّ وصَوْنٍ ونَعْمةٍ يُحَلِّيْنَ ياقُوتاً وشَذْراً مُفَقَّراً @@ بخلافِ اللَّبس فإنَّ الإِنسان يتعاطاه بنفسه . وقُدِّم التحلِّي على الِّلباس لأنه أَشْهَى للنفسِ . وقرأ أبان بن عاصم " وَيَلْبِسُونَ " بكسر الباء . قوله : { مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } " مِنْ " لبيانِ الجنس وهي نعتٌ لثياب . والسُّنْدُسُ : ما رَقَّ من الدِّيباج . والإِستبرق : ما غَلُظَ منه وهما جمعُ سُنْدُسة واسْتَبْرَقَة . وقيل : ليسا جمعَيْنِ . وهل " اسْتَبْرق " عربيُّ الأصلِ مشتق من البريق ، أو معرِّبٌ أصلُه استبره ؟ خلافٌ بين اللغويين . وقيل : الإِستبرق اسم للحرير . وأنشد للمرقش : @ 3156 - تراهُنَّ يَلْبِسْنَ المشاعِرَ مَرَّةً وإستبرقُ الديباجُ طَوْراً لِباسُها @@ وهو صالحٌ لِما تقدَّم . وقال ابنُ بحر : " الإِستبرق : ما نُسج بالذهب " . ووَزْنُ سُنْدُس : فُعْلُل ونونُه أصلية . وقرأ ابن محيصن " واسْتَبرقَ " بوصلِ الهمزة وفتح القافِ غيرَ منونة . فقال ابن جني : هذا سهوٌ أو كالسهوِ " . قلت : كأنه زعم أنَّه مَنَعه الصرفَ ولا وجهَ لمنعِه ، لأنَّ شرطَ مَنْعِ الاسمِ الأعجمي أَنْ يكونَ عَلَماً وهذا اسمُ جنسٍ . وقد وجَّهها غيرُه على أنه جَعَلَه فعلاً ماضياً من البريق ، واستَفْعَلَ بمعنى فَعَلَ المجرد نحو : قَرَّ واستقرَّ . وقال الأهوازيُّ في " الإِقناع " : " واستبرق بالوصلِ وفتحِ / القاف حيث كان لا يَصْرِفُه " فظاهرُ هذا أنه اسمٌ ، وليس بفعلٍ وليس لمنعِه وجهٌ ، كما تقدَّم عن ابن جني ، وصاحب " اللوامح " لمَّا ذكر وَصْلَ الهمزةِ لم يَزِد على ذلك ، بل نَصَّ على بقائِه منصرفاً ولم يذكر فتح القاف أيضاً فقال : " ابن محيصن " واستبرق " يوصلِ الهمزة في جميع القرآن ، فيجوز أنه حذف الهمزةَ تخفيفاً على غيرِ قياسٍ ، ويجوز أنَّه جعله عربياً مِنْ بَرِق يَبْرُقُ بَرْيقاً ، ووزنُه استفعل ، فلمَّا سُمِّي به عامَلَه معاملَةَ الفعل في وَصْلِ الهمزةِ ، ومعاملةَ الممتكنةِ من الأسماء في الصرف والتنوين ، وأكثرُ التفاسيرِ على أنَّه عربية وليس بمستعربٍ ، دَخَل في كلامِهم فاعربوه " . قوله : " مُتَّكئين " حال والأرائِكُ : جمعُ أَرِيْكَة وهي الأَسِرَّة بشرط أن تكونَ في الحِجالِ فإن لم تكنْ لم تُسَمَّ أَرْيْكَة . وقيل : الأرائِكُ : الفُرُش في الحَجال أيضاً . وقال الارغب : " الأَرِيْكة : حَجَلَةٌ على سريرٍ ، وتسميتها بذلك : إمَّا لكونِها في الأرض مُتَّخَذَةً مِنْ أَراك ، أو مِنْ كونها مكاناً للإِقامة من قولهم : أَرَك بالمكان أُرُوكاً ، وأصل الأُروك الإِقامةُ على رَعْيِ الأَراكِ ، ثم تُجُوِّز به في غيره من الإِقامات " . وقرأ ابن محيصن : " عَلَّرَائك " وذلك : أنَّه نَقَل حركةَ الهمزةِ إلى لامِ التعريف فالتقى مِثْلان : لامُ " على " - فإنَّ ألفها حُذفَتْ لالتقاءِ الساكنين - ولامُ التعريف ، واعتدَّ بحركة النقل فأدغم اللامَ في اللامِ ، فصار اللفظُ كما ترى ، ومثلُه قولُ الشاعر : @ 3157 - فما أصبحَتْ عَلَّرْضِ نَفْسٌ بريئةٌ ولا غيرُها إلا سليمانُ نالها @@ يريد " على الأرض " . وقد تقدَّم قراءةٌ قريبةٌ مِنْ هذه أولَ البقرة : بما أُنْزِلَّيْكَ " ، أي : أُنْزِلَ إليك .