Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 14-15)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { لِذِكْرِيۤ } : يجوزُ أَنْ يكونَ المصدرُ مضافاً لفاعلِه ِأي : لأنِّي ذكرتُها في الكتب ، أو لأنِّي أذكرُك . ويجوز أن يكونَ مضافاً لمفعولِه أي : لأِنْ تذكرَني . وقيل : معناه ذِكْرُ الصلاةِ بعد نِسْيانِها كقولِه عليه السلام : " مَنْ نام عن صلاةٍ أو نَسِيها فَلْيُصَلِّها إذا ذكرها " قال الزمخشري : " وكان حقٌّ العبارة : " لذكرها " . ثم قال : " ومَنْ يَتَمَحَّلْ له أن يقول : إذا ذَكَر الصلاة فقد ذكر [ اللهَ ] ، أو على حذفِ مضاف أي : لذكر صلاتي ، أو لأنَّ الذِّكْرَ والنيسانَ من الله تعالى في الحقيقة " . وقرأ أبو رجاء والسُّلمي " للذكرىٰ " بلام التعريف وألفِ التأنيث . وبعضهم " لذكرىٰ " منكرةً ، وبعضهم " للذكر " بالتعريف والتذكير . قوله : { أَكَادُ أُخْفِيهَا } العامةُ على ضمِّ الهمزةِ مِنْ " أُخْفيها " . وفيها تأويلاتٌ ، أحدُها : أن الهمزةَ في " أُخْفيها " للسَّلْبِ والإِزالةِ أي : أُزيل خفاءَها نحو : أعجمتُ الكتابَ أي : أزلْتُ عُجْمَتَه . ثم في ذلك معنيان ، أحدهما : أنَّ الخفاءَ بمعنى السَّتْر ، ومتى أزال سَتْرَها فقد أظهرَها . والمعنى : أنها لتحقُّق وقوعِها وقُرْبِها أكادُ أُظْهِرُها لولا ما تَقْتضيه الحكمةُ من التأخير . والثاني : أنَّ الخفاءَ هو الظهورُ كما سيأتي . والمعنىٰ : أزيلُ ظهورَها ، وإذا أزالَ ظهورَها فقد استترَتْ . والمعنىٰ : أني لِشدَّةِ أبهامها أكاد أُخْفيها فلا أُظْهِرُها / البتةَ ، وإن كان لا بد من إظهارِها ؛ ولذلك يوجدُ في بعض المصاحف كمصحف أُبَيّ : أكاد أُخْفيها مِنْ نفسي فكيف أُظْهِرُكُمْ عليها ؟ وهو على عادةِ العرب في المبالغة في الإِخفاء قال : @ 3277ـ أيامَ تَصْحَبُني هندٌ وأُخْبِرُها ما كِدْت أكتُمُه عني من الخبرِ @@ وكيف يُتَصَوَّرُ كِتْمانُه مِنْ نفسه ؟ والتأويلُ الثاني : أنَّ " كاد " زائدةٌ . قاله ابنُ جُبَيْر . وأنشدَ غيرُه شاهداً عليه قولَ زيدِ الخيل : @ 3278ـ سريعٌ إلى الهَيْجاء شاكٍ سلاحُه فما إنْ يكادُ قِرْنُه يتنفَّسُ @@ وقال آخر : @ 3279ـ وألاَّ ألومَ النفسَ فيما أصابني وألا أكادَ بالذي نِلْتُ أَبْجَحُ @@ ولا حُجَّةَ في شيءٍ منه . والتأويل الثالث : أنَّ الكَيْدُوْدَةَ بمعنى الإِرادة ونُسِبت للأخفش وجماعةٍ ، ولا ينفعُ فيما قصدوه . والتأويل الرابع : أنَّ خبرَها محذوفٌ تقديره : أكاد آتي به لقُرْبها . وأنشدوا قول ضابىء البرجمي : @ 3280ـ هَمَمْتُ ولم أفْعَلْ وكِدْتُ وليتني تَرَكْتُ على عثمانَ تَبْكي حلائِلُهْ @@ أي : وكِدْتُ أفعلُ ، فالوقفُ على " أكادُ " ، والابتداء بـ " أُخْفيها " ، واستحسنه أبو جعفر . وقرأ أبو الدرداء وابنُ جبير والحسنُ ومجاهدٌ وحميدٌ " أَخْفيها " بفتح الهمزة . والمعنىٰ : أُظْهرها ، بالتأويل المتقدم يقال : خَفَيْتُ الشيءَ : أظهَرْتُه ، وأَخْفَيْتُه : سترته ، هذا هو المشهور . وقد نُقِل عن أبي الخطاب أنَّ خَفَيْتُ وأَخْفَيْتُ بمعنىً . وحُكي عن أبي عبيد أنَّ " أَخْفى " من الأضدادِ يكون بمعنى أظهر وبمعنى سَتَر ، وعلى هذا تَتَّحد القراءتان . ومِنْ مجيءِ خَفَيْتُ بمعنى أظهَرْت قولُ امرىء القيس : @ 3281ـ خَفَاهُنَّ مِنْ أَنْفاقِهِنَّ كأنما خفاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشِيٍّ مُجَلِّبِ @@ وقول الآخر : @ 3282ـ فإنْ تَدْفِنوا الداءَ لا نَخْفِهِ وإنْ تُوْقِدُوْا الحربَ لا نَقْعُدِ @@ قوله : { لِتُجْزَىٰ } هذه لامُ كي ، وليسَتْ بمعنى القسمِ أي : لَتُجْزَيَنَّ كما نقله أبو البقاء عَنْ بعضهم . وتتعلَّق هذه اللامُ بـ " اُخْفيها " . وجعلها بعضُهم متعلقةً بـ " آتيةٌ " وهذا لا يَتِمُّ إلاَّ إذا قَدَّرْتَ أنَّ " أكاد أُخْفيها " معترضةٌ بين المتعلَّقِ والمتعلَّقِ به ، أمَّا إذا جعلتَها صفةً لآتِيَةٌ فلا يتجه على مذهب البصريين ؛ لأن اسمَ الفاعلِ متى وُصِفَ لم يعملْ ، فإنْ عَمِل ثم وُصِف جاز . وقال أبو البقاء : " وقيل بـ " آتِيَةٌ " ، ولذلك وَقَفَ بعضُهم عليه وَقْفَةً يسيرةً إيذاناً بانفصالِها عن أخفيها " . قوله : { بِمَا تَسْعَىٰ } متعلقٌ بـ " تُجْزَىٰ " . و " ما " يجوز أَنْ تكونَ مصدريةً أو موصولةً اسميةً ، ولا بدَّ من مضاف أي : تُجْزى بعقابِ سَعْيها أو بعقابِ ما سَعَتْه .