Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 45-45)

Tafsir: ad-Durr al-maṣūn fī ʿulūm al-kitāb al-maknūn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { مِّن مَّآءٍ } : فيها وجهان . أحدُهما : أنَّها متعلقةٌ بـ " خَلَق " أي : خَلَقَ مِنْ ماءٍ كلَّ دابة . و " مِنْ " لابتداءِ الغايةِ . وعلىٰ هذا فيُقال : وُجِدَ من الدوابِّ ما لم يُخْلَقْ مِنْ ماءٍ كآدمَ فإنه مِنْ تراب ، وعيسى فإنَّه مِنْ رُوحٍ ، والملائكةِ فإنَّهم مِنْ نُور ، والجِنِّ فإنهم مِنْ نارٍ . وأُجيب بأنَّ الأمرَ الغالِبَ ذلك . وفيه نظرٌ فإنَّ الملائكةَ أَضعافُ الحيوان ، والجنَّ أيضاً أضعافُهم . وقيل : لأنَّ الحيوانَ لا يَعيش [ إلاَّ ] به ، فجُعِل منه لذلك ، وإن كان لنا من الحيوانِ ما لا يَحْتاج إلى الماءِ البتة ، ومنه الضبُّ . وقيل : جاء في التفسير : أنه كان خَلَق في الأولِ جوهرة فنظرَ إليها فذابَتْ ماء ، فمنها خَلَق ذلك . والثاني : أنَّ " مِنْ " متعلقةٌ بمحذوفٍ على أنها صفةٌ لـ " دابَّة " والمعنىٰ : الإِخبارُ بأنه خَلَق كلَّ دابةٍ كائنةٍ من الماء ، أي : كلُّ دابة من ماءٍ هي مخلوقةٌ للهِ تعالىٰ . قاله القفَّال . ونكَّر " ماء " وعَرَّفه في قوله : { مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ } [ الأنبياء : 30 ] لأنَّ المقصودَ هنا التنويعُ . قوله : { فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي } إلى آخره . إنما أَطْلَقَ " مَنْ " على غيرِ العاقلِ لاختلاطِه بالعاقلِ في المفصَّل بـ " مَنْ " وهو " كلَّ دابة " ، وكان التعبيرُ بـ " مَنْ " أَوْلَىٰ لِتَوافُقِ اللفظِ . وقيل : لمَّا وصفَهم بما يُوصف به العقلاء وهو المَشْيُ أَطْلق عليها " مَنْ " . وفيه نظرٌ ؛ لأنَّ هذه الصفةَ ليسَتْ خاصةً بالعقلاء ، بخلافِ قولِه تعالى : { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } [ النحل : 17 ] . [ وقوله : ] @ 3457ـ … هل مَنْ يُعِيْرُ جناحَه لَعَلِّي … @@ البيت . وقد تقدَّم خلافُ القُرَّاء في { خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ } في سورة إبراهيم . واستعير المَشْيُ للزَحْفِ على البطنِ ، كما استُعير المِشْفَرُ للشَّّفَةِ وبالعكسِ .